أنباء اليوم
 أنباء اليوم

مجهود عمال نقل الآثار ودورهم في بناء المتحف المصري الكبير

تامر المنشاوي -

لم يكن إنشاء المتحف المصري الكبير مجرد مشروع معماري ضخم فحسب، بل هو ملحمة إنسانية شارك فيها آلاف الأيدي المصرية التي حملت عبق التاريخ على أكتافها، وساهمت في حفظ تراث أجدادنا لتراه الأجيال القادمة.

وسط حرارة الشمس وأثقال التماثيل والصناديق الحجرية، وقف العمال المصريون، بملابسهم البسيطة وقلوبهم العامرة بالفخر، ينقلون كنوز الفراعنة بحذر ودقة وكأنهم يتعاملون مع أرواح أجدادهم.

منذ انطلاق أعمال نقل القطع الأثرية من المتحف المصري بالتحرير، وحتى وصولها إلى قاعات العرض الحديثة في المتحف المصري الكبير بالجيزة، كان للعمال والفنيين دور أساسي في كل مرحلة. فقد تكفلوا برفع التماثيل العملاقة، وتثبيت القطع الهشة، وتأمينها في صناديق خاصة صُممت لتتحمل الاهتزازات والتغيرات الجوية.

ولعل أبرز المشاهد التي لا تُنسى، كانت لحظة نقل تمثال الملك رمسيس الثاني من ميدان رمسيس إلى بهو المتحف الكبير، وهي عملية ضخمة استغرقت ساعات طويلة، شارك فيها عشرات الفنيين والعمال بخبرة وانضباط يليقان بعظمة الحدث.

كما ساهمت فرق الترميم والنقل الميداني في تجهيز معامل خاصة داخل المتحف لاستقبال القطع الأثرية، حيث تعاون العمال مع الأثريين والمهندسين في وضع كل قطعة في مكانها الصحيح، محافظين على تاريخها وقيمتها.

ولم يكن جهدهم جسديًا فقط، بل شاركوا بعقولهم وخبراتهم المتراكمة في التعامل مع الأحجار القديمة والمقتنيات الحساسة، وهو ما جعلهم أحد الأعمدة الحقيقية في نجاح المشروع.

إن المتحف المصري الكبير، بما يحتويه من أكثر من مائة ألف قطعة أثرية، يقف اليوم شاهدًا على إخلاص هؤلاء العمال والفنيين الذين جسّدوا حبهم لمصر في صمت، وبأيديهم التي جمعت بين القوة والحنان.

فمن دونهم، ما كانت لتنتقل كنوز توت عنخ آمون أو مركب خوفو أو تماثيل الملوك إلى قاعاتها الجديدة في هذا الصرح الذي يُعد أكبر متحف أثري في العالم.

إنهم الجنود المجهولون الذين حملوا على عاتقهم مسؤولية ثقيلة، وتركوا بصمتهم في واحدة من أعظم صفحات التاريخ الحديث لمصر.

فكل حجر في جدران المتحف الكبير، وكل قطعة في قاعاته، تحمل أثر أيديهم، وعرق جبينهم، وروحهم الوطنية التي تستحق أن تُروى للأجيال القادمة.