أنباء اليوم
 أنباء اليوم

ذكرى ميلاد محمود سامي البارودي تتزامن مع يوم نصر أكتوبر شاعر السيف والقلم وبطل الوطنية المصرية

تامر المنشاوي -


يأتي السادس من أكتوبر حاملاً في طياته معنيين خالدين في وجدان المصريين: فهو يوم نصر أكتوبر المجيد عام 1973، حين عبر الجيش المصري قناة السويس واستعاد الأرض والكرامة، وهو كذلك ذكرى ميلاد محمود سامي البارودي، فارس الكلمة وسيف الوطنية، الذي وُلد في مثل هذا اليوم من عام 1839م لأسرة من أصول شركسية عريقة، فجمع بين الفكر المستنير، والشجاعة العسكرية.
نشأ البارودي محبًا للعلم واللغة، وتعلم في المدارس العسكرية في عهد الخديوي سعيد، ثم التحق بالجيش المصري ضابطًا، وشارك في حرب القرم ضمن الجيش العثماني سنة 1855، كما شارك في حملات الحجاز واليونان، فاكتسب خبرة عسكرية واسعة جعلته من أبرز رجال الدولة في عصره.
تدرّج في المناصب حتى أصبح وزيرًا للحربية في عهد الخديوي توفيق، وكان من قادة الثورة العرابية وتولي مجلس الوزراء ومن الذين طالبوا بالحرية والدستور وحقوق الشعب والجيش. وعندما فشلت الثورة عام 1882، نُفي البارودي لمدة سبعة عشر عامًا، قضاها صابرًا صامدًا يكتب الشعر الوطني الرصين ويغذي روح المقاومة في النفوس.
كان البارودي مؤمنًا صادقًا، جمع في شعره بين الفروسية والإيمان، ولم ينسَ أن يمدح النبي محمد ﷺ بقصائد خالدة تشع نورًا وإخلاصًا، يقول في إحدى قصائده في المديح النبوي:
يا سيِّدَ الخَلقِ يا من لا شَبيهَ لهُ
مِن نُورِ ذاتِكَ أبدَتْ كُلَّ مَخلوقِ
بَلغتَ في المَجدِ أقصى ما يُرامُ لهُ
والعَجزُ في القَولِ عن وَصفٍ وتَحقيقِ
تُوفي محمود سامي البارودي في 12 ديسمبر 1904م بعد أن عاد من منفاه مثقلاً بالمرض، ودُفن في مقبرته بشارع الإمام الشافعي بالقاهرة، حيث يرقد بين رموز النهضة المصرية والأدباء العظام.
لقد ترك البارودي تراثًا شعريًا خالدًا، أعاد به للغة العربية مجدها بعد عصور من الجمود، وأصبح بحق رائد النهضة الشعرية الحديثة.
وفي تزامن ميلاده مع نصر أكتوبر المجيد دلالة رمزية عميقة؛ فكلاهما يمثل روح العزة المصرية، الأولى بالكلمة والثانية بالسلاح، لتظل مصر دائمًا منبت الأبطال، تجمع بين قوة القلم وكرامة السيف.