صلاح ذو الفقار بين المجد الفني والمثوى الأخير في مقابر الإمام الشافعي

في قلب القاهرة التاريخية، حيث تتجاور قباب الأولياء مع مقابر السلاطين وأضرحة العائلات العريقة، يرقد جسد الفنان الكبير صلاح ذو الفقار داخل مقابر الإمام الشافعي في قبر والده الاميرالي احمد مراد بك ذو الفقار وهناك حيث يختلط عبق التاريخ بذاكرة الفن، تتحول المقبرة إلى شاهد على رحلة نجم عاش بين الانضباط العسكري كضابط شرطة والإبداع الفني.
وُلد صلاح ذو الفقار عام 1926 بمدينة المحلة الكبرى، ونشأ في أسرة ارتبط اسمها بالانضباط والعسكرية؛ و التحق بكلية الشرطة وتدرج في المناصب حتى وصل إلى رتبة ضابط و لكن القدر فتح أمامه أبواب الفن عبر شقيقيه عز الدين ومحمود ذو الفقار، ليبدأ مشوارًا استثنائيًا جمع بين الشهرة والنجاح والقدرة على تجسيد ملامح الإنسان المصري في أدواره.
منذ أول ظهور له في فيلم عيون سهرانة عام 1956، خطف الأنظار بوسامته وحضوره، ليشارك بعدها في أعمال أصبحت علامات في تاريخ السينما مثل رد قلبي، الأيدي الناعمة، الزوجة 13، مراتي مدير عام، والأستاذة فاطمة. لم يكن ممثلًا عاديًا، بل رمزًا للبساطة والجدية والرقي، وهو ما جعله قريبًا من الجمهور على اختلاف أجياله وكما امتد عطاؤه إلى الإنتاج السينمائي، وكان أحد الداعمين الكبار للسينما المصرية في عصرها الذهبي.
في 22 ديسمبر 1993 أسدل الستار على حياة صلاح ذو الفقار بعد أزمة قلبية مفاجئة أثناء تصوير أحد أعماله الفنية وشيعت جنازته في مشهد مؤثر ضم الأهل والأصدقاء وزملاء الفن، ودفن في مقابر الإمام الشافعي بجوار ضريح العائلة ومنذ ذلك الحين، أصبحت مقبرته مقصدًا للذاكرة الفنية، حيث يلتقي اسمه بتاريخ القاهرة ومكانتها كحاضنة لرموز مصر في السياسة والفكر والفن.
رحل صلاح ذو الفقار، لكن أعماله ما زالت تنبض على الشاشة، تحكي للأجيال قصة نجم جمع بين العسكرية والفن، وبين الانضباط والخيال، ليبقى في وجدان المصريين كما يبقى اسمه محفورًا على شاهد قبره في مقابر الإمام الشافعي، شاهدًا على مسيرة لم تنطفئ رغم رحيل صاحبها.