يوسف وهبي شيخ المسرح ومثواه ومسجده في منطقة الإمام الشافعي

في قلب جبانة الإمام الشافعي بالقاهرة، حيث تختلط قبور الأولياء مع أضرحة المشاهير، يرقد جسد شيخ المسرح العربي يوسف وهبي (1898 – 1982)، أحد أعمدة الفن المصري في القرن العشرين. المكان الذي يضم قبره ومسجده ما زال شاهدًا على مسيرة فنان ارتبط اسمه بالخشبة والسينما، وبقي رمزًا للريادة والتجديد في الفن العربي.
وُلد يوسف بك وهبي في الفيوم عام 1898 لأسرة ثرية، تلقى تعليمه في القاهرة ثم اتجه إلى المسرح في بدايات شبابه، قبل أن يسافر إلى إيطاليا ليتعلم فنون التمثيل والإخراج. وعند عودته إلى مصر، أسس فرقة رمسيس عام 1923، التي صارت مدرسة فنية كبرى خرّجت العديد من النجوم، وجعلت من المسرح المصري قبلة للجمهور العربي. امتاز وهبي بجرأته في معالجة القضايا الاجتماعية والسياسية، وبتجسيده أدوار البطولة على المسرح والسينما التي لُقّب فيها بـ"عميد المسرح العربي".
إلى جانب فنه، ترك يوسف وهبي أثرًا إنسانيًا واجتماعيًا بارزًا، فقد كان بارًا بأهله، كما عُرف بإنفاقه على طلاب المسرح ودعمه لمشروعات فنية وخيرية. وبعد حياة حافلة امتدت أكثر من نصف قرن، توفي في 17 أكتوبر 1982، ودُفن في مقابر الإمام الشافعي.
القبر يقع بجوار مسجد صغير بناه في مقابر الامام الشافعي، ليكون مكانًا يجمع بين العبادة والذكرى وهذا المسجد الذي عُرف باسم مسجد يوسف وهبي – صار جزءًا من المشهد العمراني والروحي في منطقة الإمام الشافعي، حيث يجتمع أهالي المنطقة والزوار، بعضهم بدافع الصلة الدينية، وآخرون بدافع التقدير الفني.
وإلى جانب ذلك، يرقد يوسف وهبي مع والده في مقبرة عبد الله باشا وهبي، حيث يتجاور الفنان الكبير مع جذوره العائلية، في صورة تعكس التلاحم بين التاريخ الشخصي والعائلي من جهة، والذاكرة الفنية والوطنية من جهة أخرى.
مقبرة يوسف وهبي ومسجده في الإمام الشافعي لم يتحولا فقط إلى مثوى أخير لفنان كبير، بل صارا أيضًا رمزًا لذاكرة المسرح والسينما في مصر. فبين جدران المسجد وهدوء المقبرة، تبقى صورة شيخ المسرح العربي حاضرة، شاهدة على رحلة فنان عاش للفن ومات وهو يحمله في قلبه، ليمتزج اسمه بذاكرة القاهرة العريقة التي لا تنسى أبناءها.