أنباء اليوم
 أنباء اليوم

”الجمعة بين الحنين والواقع” بقلم - هالة شريح سليم

الكاتبة هالة شريح سليم
أنباء اليوم -

الجمعة زمان كان ليها بهجة من نوع تاني، يوم بيبدأ من بدري بريحة البخور والست الوالدة مشغّلة إذاعة القرآن، تحس كإن البيت متغطي بالسكينة. الفطار كان بسيط بس كله خير: عيش بلدي سخن والطعميه السخنه والفول بالزيت الحار والجبنة قديمة والعسل الأسود وطحينة، ومعاهم زيتون مخلل من برطمان البيت.

الرجالة تجهّز هدومها النظيفة والولاد يمسكوا في إيد أبوهم أو جدهم وهما رايحين الجامع لصلاة الجمعة اللحظة دي كان ليها رهبة ووقار، ودفا في نفس الوقت.

وبعد ما الصلاة تخلص كان في طقس ثابت العيلة كلها تتجمع حوالين التلفزيون عشان يسمعوا حديث الشيخ الشعراوي على القناة الأولى الكلمة الحلوة كانت تدخل القلب من غير استئذان، وتفضل عايشة جوا الناس لحد النهاردة.

وكمان الجمعة ما كانتش بس لمّة جوة البيت، لأ.. الرجالة بعد الصلاة يتزاوروا اللي ليه بنت متجوزة يطلّ عليها ويسألها محتاجة إيه، واللي ليه أخت يروحلها بيتها، واللي ليه قريب يوصّله سلام وسؤاله. كانت صلة الرحم شغّالة من غير مواعيد ولا حجج.

أما ست البيت فكانت بطلة اليوم تجمع الكل على طبليتها الكبيرة تفرش المحشي والفتة والفراخ البلدي والريحة اللي تملأ البيت تخلي الجيران يشتهوا واللمة تخلي القلب يشبع قبل المعدة الضحك، والدعوات الحلوة، كانوا هما سر الجمعة.

دلوقتي؟

الدنيا اتغيّرت كتير بقينا نصحى الجمعة على صوت الموبايل مش القرآن والعيال كل واحد ماسك تليفونه والرجالة ساعات تبقى مشغولة أو تاخد الصلاة بسرعة وترجع تجري على مصالحها بيوت كتير ما بقتش بتتجمع على طبليّة واحدة وكل بيت بقى في حاله.

الشعراوي اتبدل بقنوات كتير وبرامج أكتر لكن مفيش حاجة سابت نفس الأثر.

حتى الزيارات قلت وصلة الرحم بقت مكالمات واتساب أو مسج صغيرة اللمة اللي كانت بتشبع القلب بقت نادرة والدنيا جريت بين شغل ومشاغل.

ومع كده يفضل يوم الجمعة هو يوم البركة اللي محتاجين نرجع نحيي فيه روح زمان: قعدة عيلة كلمة طيبة زيارة صلة رحم وضحكة تلمّ الشمل من جديد.