أنباء اليوم
 أنباء اليوم

مصطفى باشا فهمي مهندس القصور وضريح سعد زغلول

صورة توضيحية
تامر المنشاوي -


في ذاكرة العمارة المصرية يقف اسم مصطفى باشا فهمي كواحد من أبرز المهندسين الذين جمعوا بين الدراسة الأوروبية والهوية الشرقية، فصاغوا ملامح عمارة مصر في النصف الأول من القرن العشرين.
عام 1912، أنهى مصطفى فهمي دراسته في المدرسة الوطنية للجسور والطرق بباريس، ليعود إلى القاهرة مزوّدًا بخبرة أوروبية عصرية. لم يكن مجرد مهندس عادي، بل وريثًا لمهنة والده محمود باشا فهمي، أحد كبار المعماريين الذين برعوا في بناء المساجد والمباني ذات الطراز الإسلامي.
خطواته العملية بدأت في مصلحة المباني الإسلامية للطراز، ثم أصبح بعد خمس سنوات فقط أول مهندس معماري مصري بقسم العمارة بمصلحة المباني الأميرية.
عام 1918 انتُدب للتدريس بمدرسة الهندسة الملكية بالجيزة، وهناك أسس قسم العمارة بمدرسة المهندس خانة – كلية الهندسة حاليًا – ليضع اللبنة الأولى لتدريس العمارة المصرية الحديثة. اختار معه اثنين من الأسماء اللامعة فيما بعد: محمد رأفت وعلي لبيب جبر.
مسيرته لم تتوقف عند التدريس، فقد تولى مناصب متصاعدة: مدير البناء والإنشاء بمصلحة المباني (1921)، ثم كبير مهندسي وزارة الأشغال العمومية (1924)، حتى أصبح كبير مهندسي شرف القصور الملكية (1930). وخلال الفترة من 1933 إلى 1939 تولى منصب المدير العام لمصلحة المباني.
لاحقًا عُيّن مديرًا لبلدية الإسكندرية (1945 – 1949)، ثم وزيرًا للأشغال العمومية (1949 – 1950)، وأخيرًا مديرًا لبلدية القاهرة حتى عام 1952، وبقي رئيس شرف القصور الملكية حتى نهاية حكم الملك فاروق.
ترك مصطفى باشا فهمي بصمة لا تمحى على خريطة القاهرة والإسكندرية:

مباني الجمعية الزراعية بالجزيرة (1930).

مستشفى الجمعية الخيرية الإسلامية بالعجوزة (1939).

مبنى نقابة الأطباء بشارع القصر العيني (1939).

مبنى نقابة المهندسين برمسيس (1946).

تصميم قاعدة النصب التذكاري بميدان التحرير (1952).
ضريح سعد زغلول الذي أصبح أحد معالم الزعامة الوطنية.
كما أشرف على القصر الملكي وقصر الضيافة بالرياض، وشارك في تعديلات داخلية بقصر عابدين.
لم تقتصر إبداعاته على المباني العامة، بل امتدت إلى القصور والفيلات التي لا تزال شاهدة على عصره، مثل:
قصر شريف صبري بجاردن سيتي (فندق الفورسيزون حاليًا).
فيلا مدام فهمي باشا بسيدي بشر (1943).
فيلا مصطفى فهمي بالمنيل – التي هُدمت لاحقًا.
امتاز أسلوب مصطفى باشا فهمي بقدرته على دمج الطراز الإسلامي التقليدي مع الخطوط الأوروبية الحديثة. لم يكن مجرد مهندس ينفذ ما يُطلب منه، بل صاحب رؤية أراد أن يجعل من العمارة المصرية لغة تعكس هوية وطنية أصيلة تستوعب روح العصر.
ورغم مرور عقود على رحيله، لا تزال أعماله شاهدًا على مرحلة مهمة في تاريخ مصر، مرحلة جمعت بين مجد العمارة الملكية وتطور المباني العامة، لتظل بصمته جزءًا من ملامح القاهرة الحديثة.