أساور الملك بسوسنس الأول مجوهرات ملكية تنطق بسحر الخلود ومحفوظة بالمتحف المصري بالتحرير

في قلب مقبرة الملك بسوسنس الأول بمدينة تانيس، والتي تُعد من أندر المقابر الملكية التي صمدت أمام يد اللصوص، تجلت روائع فنون الصياغة المصرية القديمة في أساور ذهبية وفضية تحمل بين طياتها سر الخلود. هذه الأساور ليست مجرد قطع زينة ملكية، بل شواهد حيّة على عبقرية المصريين في الجمع بين الجمال والرمزية الدينية.
الأساور صيغت بعناية من الذهب والفضة، وزُيّنت بأحجار كريمة مثل اللازورد والفيروز والعقيق الأحمر، لتُضفي عليها بريقاً ملكياً يليق بمكانة فرعون. وتجلّت مهارة الصائغ في النقوش الدقيقة التي حملت أسماء بسوسنس الأول داخل الخرطوش، وألقابه الملكية، إلى جانب رموز الحماية مثل عين حورس والجعران، في إشارة واضحة إلى الدور السحري الذي كانت تؤديه هذه القطع في تأمين رحلة الملك إلى العالم الآخر.
بعض الأساور حملت صورة الإلهة ماعت بريشتها الشهيرة رمز الحق والعدل، بينما زخرف بعضها الآخر بمشاهد لآلهة تمنح الملك القوة والأمان الأبدي. وهكذا تحولت الأساور من مجرد زينة إلى نصوص دينية مصوغة بالذهب، تجمع بين العقيدة والفن والسلطة.
وتكتسب أساور بسوسنس أهمية استثنائية لأنها تعكس تطور فنون الذهب والفضة في مصر خلال الفترة الانتقالية الثالثة، كما أنها جزء من الكنوز النادرة التي خرجت إلى النور من مقبرة ملكية لم يطلها التخريب الكامل. واليوم تُحفظ هذه الأساور ضمن مقتنيات المتحف المصري بالقاهرة، حيث تقف شامخة أمام زوارها لتروي قصة ملك فرعوني جمع بين البهاء الدنيوي والإيمان بالخلود الأبدي.