أنباء اليوم
 أنباء اليوم

بيت أحمد عرابي مسقط رأس الزعيم في هرية رزنة بمناسبة ذكري الثورة العرابية

-


في قلب قرية هرية رزنة بمحافظة الشرقية، يقف منزل تاريخي متواضع لكنه مهيب برمزيته، هو بيت الزعيم أحمد عرابي قائد الثورة العرابية وبُني هذا البيت في أوائل القرن التاسع عشر، ويرجَّح أن تأسيسه كان ما بين عامي 1800 و1820 على يد والد الزعيم، الحاج محمد عرابي، أحد أعيان القرية المعروفين بالزراعة. شُيّد البيت من الطوب اللبن والطمي النيلي المخلوط بالقش، وفق الطراز الريفي المصري الذي وفر البرودة صيفًا والدفء شتاءً، وجاء ليعكس نمط الحياة البسيطة للفلاح المصري.

يتكون البيت من طابقين؛ يضم الطابق الأرضي حجرات للمعيشة والضيافة، وفرنًا قديمًا للتجهيز اليومي، إضافة إلى مخازن صغيرة للحبوب والمؤن وأما الطابق العلوي فيحتوي على غرفة وحيدة مخصّصة للمبيت، يُصعد إليها بسُلّم خشبي يطل على فناء داخلي مكشوف ورغم بساطة معمار البيت، فإنه يظل شاهدًا على مرحلة حاسمة من تاريخ مصر، إذ خرج من بين جدرانه أحد أبرز رموز الحركة الوطنية.

في هذا المنزل وُلد أحمد عرابي يوم 31 مارس 1841، وسط أسرة فلاحية أصيلة. حفظ القرآن في كتّاب القرية، ثم انتقل إلى القاهرة ليكمل تعليمه قبل أن يلتحق بالجيش المصري. هناك برزت شجاعته ووطنيته حتى أصبح قائدًا للثورة العرابية عام 1881، حينما وقف أمام قصر عابدين رافعًا مطالب الجيش والشعب بالعدل والمساواة. ورغم نفيه إلى جزيرة سيلان (سريلانكا حاليًا)، ظل اسمه رمزًا للمقاومة الوطنية وملهِمًا للأجيال اللاحقة.

ظل البيت بعد رحيله مزارًا وذاكرة حية للثورة العرابية، حيث ارتبط وجدان أهالي الشرقية به كرمز للفخر. وفي القرن العشرين حظي باهتمام الدولة، فتم ترميمه وتسجيله كأثر تاريخي، وتحويله إلى متحف وطني صغير يضم بعض مقتنيات الزعيم وصورًا ووثائق عن حياته وجهاده وكما أصبح محيطه مكانًا لإحياء الفعاليات الثقافية والوطنية، خاصة في ذكرى الثورة العرابية أو يوم ميلاد ووفاة الزعيم.

إن بيت أحمد عرابي ليس مجرد جدران من الطين، بل هو صفحة من ذاكرة مصر انطلقت منها شرارة الوعي الوطني. ومن خلاله تتعرّف الأجيال الجديدة على سيرة زعيم رفع رأس الفلاح المصري، ودافع عن كرامة الجيش والشعب في مواجهة الاستبداد والاستعمار.