الآثار الغارقة في الميناء الشرقي بالإسكندرية

يُعَد الميناء الشرقي بالإسكندرية الميناء الملكي للعاصمة القديمة التي أسسها الإسكندر الأكبر، والتي حملت اسمه وأصبحت من أعظم مدن العالم القديم. فقد كانت الإسكندرية مركزًا عالميًا للسياسة والثقافة والعلم، كما كانت عاصمة لمصر البطلمية، واستمرت كإحدى أبرز المدن حتى العصرين الروماني والبيزنطي. واليوم، يرقد هذا الميناء تحت مياه البحر المتوسط بعد أن كان قلبًا نابضًا للحياة الملكية والبحرية.
يقع الميناء بين رأس السلسلة شرقًا وحتى قلعة قايتباي غربًا، وتبلغ مساحته نحو 600 هكتار، ويتراوح عمقه بين 2 و8 أمتار، وهو ما يعكس خط الساحل القديم للمدينة. وتشير المصادر التاريخية إلى أن هذه المنطقة كانت مقر الحي الملكي في العصر البطلمي، واستمرت لتكون منطقة القصور والإدارة في العصرين الروماني والبيزنطي.
شهد الميناء الشرقي منذ منتصف القرن العشرين العديد من الاكتشافات الأثرية البحرية الهامة. ففي عام 1961، تمكن كامل حسين أبو السعادات – الغواص الهاوي والباحث في الآثار المغمورة – من اكتشاف تمثال ضخم للإلهة إيزيس إلى جانب قطع أثرية أخرى، كما رصد بقايا أرصفة حجرية، وقام بإعداد خريطة أولية للموقع.
وفي عام 1992، قامت بعثة المعهد الأوروبي للآثار الغارقة بمسح طبوغرافي شامل للميناء باستخدام تقنيات المسح الأثري المتقدمة، مما أتاح الحصول على بيانات دقيقة حول طبيعة الميناء الغارق. وأسفرت نتائج البعثة عن تحديد تخطيط الميناء الشرقي القديم بما في ذلك الموانئ الملكية الفرعية، حيث تم الكشف عن عشرة موانئ رئيسية، من بينها:الميناء الكبير، الميناء الداخلي، ميناء صغير إضافي، كما تمكنت البعثة من تحديد خط الساحل القديم، والأرصفة البحرية الممتدة من اليابسة إلى البحر، فضلًا عن حاجز أمواج يمتد حتى منتصف الميناء. وتم الكشف أيضًا عن جزيرة أنتيرودوس وشبه جزيرة التيمونيوم، حيث عُثر على بقايا معمارية تعكس الأهمية السياسية والاقتصادية والدينية لهذه المنطقة في العصور القديمة.