أنباء اليوم
 أنباء اليوم

محمود باشا الفلكي رائد الآثار الغارقة وصاحب خريطة الإسكندرية ودفن بالامام الشافعي

محمود باشا الفلكي رائد الآثار الغارقة وصاحب خريطة الإسكندرية ودفن بالامام الشافعي
تامر المنشاوي -

ك

عندما نتأمل تاريخ البحث الأثري والعلمي في مصر الحديثة، لا يمكن أن نتجاوز اسم محمود باشا الفلكي (1815 – 1885)، أحد أبرز العلماء المصريين في القرن التاسع عشر، والذي جمع بين الهندسة والفلك والآثار، وكان له دور رائد في الكشف عن الآثار الغارقة بالإسكندرية ورسم أول خريطة أثرية دقيقة للمدينة القديمة.
من أبرز إنجازات الفلكي مساهمته في رسم خريطة الإسكندرية القديمة سنة 1866، بتكليف من الخديوي إسماعيل، حيث استعان بخبراته في الفلك والهندسة والآثار ليتتبع معالم المدينة المغمورة تحت مياه البحر.
نجح الفلكي في تحديد مواقع المسرح الروماني، والقصور الملكية، ومعابد الإلهة إيزيس، والحي الملكي الغارق في الميناء الشرقي، ليكون بذلك أول من وضع تصور علمي دقيق لمعالم الإسكندرية الغارقة، أي قبل بعثات الآثار الأجنبية التي جاءت بعده بعقود.
لقد مثّلت أعماله مرجعًا للباحثين الغربيين، وأثبتت أن المصريين لم يكونوا مجرد متلقين للعلم الأثري، بل كانوا من أوائل روّاده.
ولد محمود الفلكي في مدينة الزقازيق عام 1815، وتلقى علومه الأولى في المدارس الحديثة التي أنشأها محمد علي، ثم التحق بمدرسة المهندسخانة، وأبدى نبوغًا في الرياضيات والفلك، الأمر الذي أهّله لبعثة علمية إلى فرنسا، حيث درس في باريس واحتك بالمدارس الأوروبية الحديثة في علوم الفلك والجيولوجيا والرياضيات وعاد الفلكي ليشغل مناصب علمية مهمة، منها أستاذية الهندسة والفلك، ثم عُيّن لاحقًا ناظرًا لدار الضربخانة (سك العملة)، قبل أن يتفرغ لأعماله البحثية والعلمية.
و كان مثواه الأخير كان في منطقة الإمام الشافعي بالقاهرة، وتم بناء مسجد و مئذنة تاريخية تحمل اسمه وكانت شاهدة على مكانته العلمية والروحية وكانت تقع المقبرة في قلب مقابر الإمام الشافعي، وسط منطقة تعج بالأضرحة التاريخية لكبار العلماء والأولياء ورجال الدولة ويُعد قبر محمود باشا الفلكي شاهدًا على الجمع بين العلم والدين، وبين العقلانية الفلكية والروحانية الشعبية ومؤخرا في بداية عام 2025 تم نقل قبره وإزالة مسجده والقبة الضريحية.
واليوم، ومع تزايد الاهتمام بمشروع الإسكندرية الغارقة، يبرز اسم محمود الفلكي كأحد المؤسسين الحقيقيين لعلم الآثار الغارقة في العالم فجهوده في توثيق المعالم المندثرة كانت بمثابة الشرارة الأولى التي ألهمت بعثات القرن العشرين وما بعده.