أنباء اليوم
 أنباء اليوم

غرفة الصناعات الغذائية: مصر الأولى عالميًا في إنتاج التمور

صورة توضيحية
أميرة عبد العظيم -


نظمت غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات المصرية، برئاسة المهندس أشرف الجزايرلي، ندوة متخصصة بعنوان «صناعة التمور بين الواقع والمأمول»، بمشاركة نخبة من خبراء الصناعة والزراعة والتكنولوجيا والتصدير وسلامة الغذاء. جاء ذلك بهدف تقييم الوضع الراهن لصناعة التمور في مصر واستكشاف فرص النمو والتصنيع وتعظيم القيمة المضافة.
وأكدت الدكتورة مايسة حمزة، المدير التنفيذي لغرفة الصناعات الغذائية، أن صناعة التمور تمثل أحد المحاور الإستراتيجية التي تمتلك فيها مصر ميزات تنافسية قوية، سواء من حيث وفرة الإنتاج أو جودة الأصناف. وأوضحت أن مصر تُعد أكبر دولة منتجة للتمور، إذ يبلغ إنتاجها نحو 1.87 مليون طن، ما يعادل 19.3% من الإنتاج العالمي، تليها السعودية بإنتاج 1.64 مليون طن.

وأضافت أن صادرات مصر من التمور بلغت في عام 2024 نحو 105.6 مليون دولار، في حين يُتوقع أن يصل حجم سوق التمور العالمي إلى 18.76 مليار دولار بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 3.27%. وأشارت إلى أن حجم صادرات مصر لا يعكس مكانتها كأكبر منتج عالمي، لأسباب تتعلق بنوعية الأصناف المطلوبة في الأسواق العالمية، وهو ما دفع مصر إلى التوسع في زراعة الأصناف عالية الجودة مثل تمر المجدول والبرحي.

وأوضحت أنه بناءً على طلب غرفة الصناعات الغذائية، تم إصدار المواصفة القياسية للتمر المجدول رقم 8733 لسنة 2023، وسيتم عرضها على لجنة الكودكس العالمية لاعتمادها كمواصفة إقليمية.

سوق التمور العالمي وتحولاته
أشارت الدكتورة مايسة حمزة إلى أن سوق التمور العالمي يشهد تحولات ملحوظة، مدفوعة بتغيرات في أنماط الاستهلاك والتكنولوجيا والسياسات الزراعية، من أبرزها الطلب المتزايد على التمور كوجبة صحية ونمو التجارة الإلكترونية.

وأوضحت أن دولًا مثل السعودية أطلقت منصات رقمية لتسويق التمور عالميًا، ما سهّل وصول المنتجين إلى أسواق جديدة، إلى جانب الاستثمار في البحث والتطوير وتحسين تقنيات الزراعة والتعبئة وسلاسل التبريد، فضلًا عن تنوع الاستخدامات الصناعية.

وأكدت أن هناك تحديات لا تزال تعوق تحقيق القيمة المضافة المرجوة من هذا القطاع، ودعت إلى فتح حوار بناء بين مختلف الأطراف المعنية لتقييم الوضع الراهن واستعراض الفرص غير المستغلة ومناقشة آليات تطوير سلاسل القيمة وزيادة القدرة التنافسية للمنتج المصري في الأسواق المحلية والعالمية.

وأضافت أنه سيتم إعداد قائمة بتوصيات الخبراء المشاركين في الندوة وتقديمها للمسؤولين، للمساهمة في بناء رؤية مشتركة للنهوض بصناعة التمور وتحقيق أقصى استفادة منها على جميع المستويات.

مصر أكبر منتج للتمور رسميًا
أكد الدكتور أمجد القاضي، المدير التنفيذي لمركز تكنولوجيا الصناعات الغذائية والتصنيع الزراعي بوزارة الصناعة، أن مصر تعمل على تطوير سلسلة القيمة وتعظيم القيمة المضافة والابتكار في تصنيع التمور، مشيرًا إلى أن مصر هي أكبر منتج للتمور رسميًا بأكثر من 1.8 مليون طن سنويًا، تمثل نحو 19% من الإنتاج العالمي.

وأشار إلى أن الإنتاج الفعلي يتجاوز مليوني طن سنويًا، وأن هناك نحو 142 منشأة صناعية مرتبطة بالتمور ومصنعاتها. وأضاف أن القطاع يحظى باهتمام كبير من القيادة السياسية، وهناك استراتيجية للتوسع في زراعة الأصناف التصديرية، مع امتلاك مصر حوالي 7 ملايين نخلة من مختلف الأصناف، في مقدمتها مزرعة توشكى المسجلة بموسوعة جينيس كأكبر مزرعة نخيل في العالم.

وأوضح القاضي أن مصر لديها خمس مواصفات قياسية للتمور، أحدثها مواصفة تمر المجدول، وأن عدد محطات التعبئة والمصانع تجاوز 143 محطة، منتشرة في الجيزة والوادي الجديد والبدرشين وسيوة والسادات وغيرها.

وأشار إلى أن مصر حققت صادرات تمور تجاوزت 105 ملايين دولار بوزن 88 ألف طن إلى 86 دولة، متقدمة من المركز 12 إلى المركز الخامس عالميًا والثاني إفريقيًا بعد تونس.

جودة التمور
دعا الدكتور القاضي إلى ضرورة تعظيم القيمة المضافة من خلال التصدي لأسباب الفقد وانخفاض الجودة، والحفاظ على جودة التمور برفع كفاءة التبريد والنقل المبرد، واتباع أساليب متطورة للفرز والغسيل والتجفيف، وطرق التخزين والتعبئة والتغليف عمومًا، مع التخلص من العيوب باستخدام طرق حديثة في التصنيع والنقل والتخزين.

وأكد أن التمور ومصنعاتها من المنتجات الطبيعية الصحية ذات القيمة الغذائية والاقتصادية الكبيرة في ظل الطلب العالمي المتزايد. ولفت إلى أهمية ربط البحث العلمي بالصناعة، مشيرًا إلى تنفيذ العديد من ورش العمل مع معهد تكنولوجيا الأغذية والمركز القومي للبحوث والجامعات، بهدف تقديم الجديد لتطوير صناعة التمور.

وطالب بالاعتماد على الوسائل التكنولوجية الحديثة لتقليل الفاقد وتعظيم القيمة المضافة، وتحويل التمور منخفضة القيمة إلى منتجات أخرى، سواء للاستهلاك البشري أو الصناعات الأخرى، مع التوسع في الزراعات العضوية وتسجيل التمور كمنتج غذائي صحي بالتعاون مع المنظمات الدولية المتخصصة.

إنشاء أسواق مركزية للتمور
شدد القاضي على ضرورة تطوير منظومة التعبئة والتغليف، وتحديث خطوط الإنتاج المحلية، وتصديرها، ورفع كفاءة الموارد البشرية وتدريبها، وفتح قنوات تسويقية جديدة، والاستفادة من التجارة الإلكترونية، وتوعية المجتمع بالقيمة الغذائية والصحية للتمور ومصنعاتها، إلى جانب التوسع في استخدامها في المنشآت السياحية والتغذية المدرسية وإنشاء أسواق مركزية للتمور.

وأوصى بإعداد دراسات تسويقية متطورة لزيادة الصادرات، وإنشاء علامات تجارية، وفتح أسواق جديدة، وتفعيل الاتفاقيات التجارية الدولية، وتشجيع وتحفيز المصدرين المصريين، والاهتمام بالمناطق الصناعية، والعمل على توفير التمور طوال العام، وإطالة فترة صلاحيتها، مع تطوير منظومة النقل واللوجستيات والبحث والتطوير، بهدف زيادة القيمة المضافة وخفض الفاقد وتطوير المصانع وإنشاء الثلاجات بالتعاون مع القطاع الخاص.

المواصفات الجديدة لقطاع التمور
أكد الدكتور رضا عبد الجليل، مدير الإدارة الفنية بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، وجود مقترحات لإنشاء مواصفات خاصة بالمنتجات المصنعة من التمور وأي منتج غذائي، داعيًا كافة العاملين في القطاع إلى إرسال مقترحاتهم. وأوضح أن الغرفة بدورها تتواصل مع هيئة المواصفات والجودة لتطوير وتحديث المواصفات الجديدة لقطاع التمور ومختلف المنتجات الغذائية.

تصنيع وتعبئة التمور
قال الدكتور مصطفى عسوس، مدير المعمل المركزي للنخيل، إن من المهم تطوير الممارسات التصنيعية الجيدة في تصنيع وتعبئة التمور بدءًا من الاستلام، مشيرًا إلى أهمية تطبيق معايير الجودة والسلامة، مثل الفحص الظاهري، وتحديد اللون والقوام، وكمية الشوائب، والفحص الحشري، ونسبة الرطوبة، مع تحديد السعر وفقًا لجودة المنتج وسلامته.

وشدد على ضرورة الاهتمام بالفرز المبدئي لإزالة الثمار منخفضة الجودة والمشوهة والمصابة بالحشرات، ما يقلل الفاقد ويزيد من جودة المنتج. كما أشار إلى أهمية استخدام طرق حديثة مثل التبخير والأوزون والإشعاع للقضاء على الحشرات، وهي طرق آمنة وفعالة بنسبة 100%، إضافة إلى التجميد كطريقة بديلة مستقبلية.

كما تناول أهمية مرحلة التخزين عند درجات حرارة أقل من 10 درجات للتمور نصف الجافة، وعدم خلط الأصناف المختلفة في نفس الثلاجة، وأهمية عمليات الغسيل باستخدام مياه معالجة وفرش أو رزاز وهواء مضغوط، مع قياس نسبة الرطوبة للحفاظ على الجودة.

وأكد أهمية الاعتماد على الأيدي العاملة المؤهلة والتكنولوجيا الحديثة، وضبط درجات الحرارة في التجفيف بحيث لا تتجاوز 70 درجة داخل الثمرة، ومراعاة التهوية المناسبة، والتبريد كخطوة لاستكمال التجفيف ومنع التفاعلات غير المرغوبة، إلى جانب الفرز والتعبئة باستخدام عبوات مناسبة، ووجود معامل مبسطة للفحص الحشري والكيميائي والميكروبيولوجي لضمان مطابقة المواصفات.

صناعة التمور
قال الدكتور أشرف مهدي شروبة، أستاذ الصناعات الغذائية بكلية الزراعة بمشتهر جامعة بنها، إن التقنيات الحديثة مثل الأوزون ضرورية جدًا في الصناعات الغذائية وصناعة التمور. وأوضح أن الأوزون له تأثير مباشر على معالجة المنتجات، ويتحلل بشكل طبيعي، وهو مادة رخيصة وصديقة للبيئة، يمكن إنتاجها بسهولة، ومصرح باستخدامه عالميًا منذ 2001 باعتباره آمنًا للقضاء على البكتيريا والجراثيم والفطريات.

وأضاف أن الأبحاث أثبتت أن الأوزون يطيل صلاحية المنتجات دون إضافة مواد كيميائية، مشيرًا إلى نجاح تطبيقه في منتجات الأسماك والدواجن والفواكه والحبوب، وعمليات الطحن والتخزين، داعيًا إلى استخدامه أيضًا في تصنيع وتعبئة التمور.

صادرات التمور
من جانبه، أوضح الدكتور خالد ناجي، خبير هندسة التصنيع والتعبئة والتغليف بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية، أهمية التعبئة والتغليف في حفظ وتسويق التمور، مؤكدًا أن العلاقة بين الإنتاج والتسويق تعتمد على جودة المنتج والتعبئة.

وأشار إلى أن معاهد التعبئة والتغليف تلعب دورًا رئيسيًا في دعم صادرات الصناعات الغذائية، خاصة في ظل الإنفاق العالمي الكبير على التعبئة والتغليف الذي يتجاوز 1500 مليار دولار سنويًا، وفي مصر تتجاوز قيمته 8 مليارات جنيه سنويًا.

وأكد أهمية استخدام مواد تعبئة آمنة وخالية من الكيماويات، والتوسع في الاعتماد على التعبئة الذكية، وتطبيق مبادئ الاستدامة كمنهج أخلاقي وتعليمي.

قال محمد عبد الفتاح، أخصائي فني أول بهيئة المواصفات والجودة، إن المواصفات القياسية المصرية تعد «المسطرة» التي تقيس جودة المنتجات. وأوضح أن المواصفة الخاصة بتمر المجدول هي الوحيدة من نوعها على مستوى العالم، وقد تم اتخاذ خطوات لاعتمادها إقليميًا ودوليًا.

وأكد أن المواصفات المصرية متوافقة مع الأنظمة الدولية وهيئة الدستور الغذائي (كودكس)، مشيرًا إلى أن الهيئة تتواصل رسميًا مع الجهات المعنية لموافاتها بالمواصفات المطلوبة لتطويرها وتحديثها بما يلبي المتغيرات.

دعم نظم الرقابة وسلامة الغذاء
من جانبه، أكد محمد محمدي، المدير الفني لمشروع دعم نظم الرقابة والتفتيش على الأغذية (طيب)، أن المشروع عمل بالتعاون مع غرفة الصناعات الغذائية على إعداد استراتيجية تطويرية لتعزيز التجارة المصرية من خلال ضمان سلامة الغذاء.

وأوضح أنه تم إصدار دليل مبسط يوضح كيفية التوافق مع الاشتراطات الصحية والبيئية في أسواق التصدير، مع تطوير المفاهيم الأساسية وتطبيق المعايير الدولية، وتدريب الكوادر على تحليل المخاطر.

هيئة سلامة الغذاء
قالت الدكتورة سمر شعراوي، القائم بأعمال إدارة الرقابة على المحطات ومراكز التعبئة بالهيئة العامة لسلامة الغذاء، إن الهيئة تعمل على مساعدة الشركات ومحطات التعبئة على التوافق مع معايير السلامة، لضمان أن يكون الغذاء آمنًا وسليمًا.

وأكدت أن الهيئة تركز على التوعية في المقام الأول قبل الرقابة، مشيرة إلى أن سلامة الغذاء أصبحت ضرورة أساسية وليست خيارًا، وهي شرط أساسي للنفاذ إلى أي سوق.

وأضافت أن الهيئة بدأت في تأهيل الموردين والمنتجين على الاشتراطات المطلوبة، مع إصدار دليل يتضمن المتطلبات الأساسية للمنشآت، وآليات المراجعة، واشتراطات الموارد البشرية، ومتابعة خطط التتبع والاستدامة.

فرص النمو والتوسع في إنتاج التمور
أكد المهندس خالد الهجان، عضو المجلس التصديري للحاصلات الزراعية، أن الطلب العالمي على التمور في تزايد مستمر، ما يستلزم تطوير المنتجات للاستفادة من الفرص المتاحة، مشيرًا إلى توقعات بزيادة الإنتاج العالمي من 12 إلى 16 مليون طن بحلول 2040، وهو ما يتطلب زراعة نحو 100 مليون نخلة جديدة لسد الفجوة.

خطط تطوير صادرات التمور
قال تميم الضوي، نائب مدير المجلس التصديري للصناعات الغذائية، إن هناك خططًا لزيادة صادرات قطاع التمور، مؤكدًا أن البداية الحقيقية تكمن في تعاون جميع العاملين بالقطاع.

وأشار إلى تجربة قطاع الفراولة المجمدة الذي تطور من صادرات قيمتها 40 مليون دولار إلى 360 مليون دولار سنويًا، مؤكدًا أن هناك فرصة حقيقية لتحقيق طفرة مماثلة في صادرات التمور التي لا تزال عند مستوى 100 مليون دولار فقط، داعيًا إلى تنظيم القطاع داخليًا والعمل على النفاذ بقوة إلى أسواق التصدير.