رسالة إلى السيد ميم ..

بقلم - أميرة عبد الباري
عزيزي السيد ميم / ترددت كثيراً قبل أن أكتب لك خطابي هذا خشية إزعاجك ، كما خشيت أيضاً أن أقول عزيزي بأريحية كما كنت أفعل دائماً كي لا تظن بي سوءًا ، كلماتي أنمقها بحرص و خوف و أسف على غد لا يمهل البعض فرصة لفتح صفحة جديدة بل لنندب فيه أحلامنا الحمقى، ونبكي على ماضٍ تولى.
أود في البداية أن أخبرك أنني ابتعدت عن أي وجهة قد تأخذني إليك ، حتى اتخلص من تلك التهمة الشنعاء التي حملتني إياها دون قصد مني ، و بالرغم من مشروعية العلاقة التي جمعتني بك إلا أنك اصررت على نعتها بوصف لا يليق بقدسيتها ، وإن كانت قد انحرفت عن مسارها فوجب عليك أن تصححه بتقبل واحترام تلك المشاعر لا بالحكم عليها هكذا بوصف أخجل من قوله.
كنت عوَّدت نفسي على أن أعاملك طبقًا لإحساسي ، وليس طبقًا لانفعالاتك.. تمنيت لو استسلم لضعفي بين يديك ، أردت بشدة أن تربت على كَتفي تُحادثني : عزيرتي لا داعي للحزن أنا مازلت بجانبك اتقبلك في كل حالاتك ، أن أُلقي بثقلي على أعتابك ، لكني أقوى من أن أفعلها مجدداً .. ، هذا إحساس لا أظنك تستطيع فهمه لأنك لو كنت تفهمه لما اضطررت الآن بعد عشر سنوات لأكتب لك هذا الخطاب!.
كنتُ قاسيًا جدًا على نفسي فقد كنتُ تعلم أني أجلد ذاتي على أخطاءٍ بشرية عادية جدًا، وبالرغم من ذلك قلت لنفسك لا يعنيني فلتذهب إلى الجحيم ! ، كنت أنظر اليك بابتسامة آملة ، والتي سرعان ما تلاشت ،وحل محلها الخيبة ، وأنت تقف مُكبل اليدين تشاهدني بيأس ،وقلة حيلة قبل أن تُوليني ظهرك حتى لا أرى الإحباط في عينيك.
دائمًا تقول أنكَ تعزني ، ودائمًا أنت مستعد للتخلي عني.. وإذا تجاوزنا هذه النقطة فإن كبرياءك الشخصي يلعب الدور الرئيسي في ردودك الجافة على رسائلي ، ولولا أنني أعرف أنك لا تقصد المعاني الحقيقية للكلمات لكنت قررت أن أذهب منذ بداية علاقتنا.
كل هذا قلته لك من قبل ، ويؤسفني بعد مرور هذا العمر على تعرفي بك فإنني أكرر لكَ نفس الكلام ، هل هو سوء فهم منك ؛ أم أنك لا تأخذ كلامي معك بعين الاعتبار والأهمّية لا أدري ، لكنني أعرف أنني وصلت إلى حالة من التشبع الكامل بالنسبة لتصرفاتك!.
هل تصدق ..أنني أصبحت أعرف ردودك على كل جملة أقولها لك تقريبًا.. وأعلم أن كل تصرف أقوم به أصبح مدروساً بالنسبة لك ، ولكن ما حدث أخيراً أشعرني أن قلبك فقير جدًّا لا يستطيع أن يكون وسادة لمتعَب أو رشفة لظمآن.
كل مساء أحاول أن أضع الأمور في نصابها ، وأقول لنفسي مهونة عليها بما كنت أنتظر سماعه منك : «إنكَ ذات شخصية مستقلة ، طموحة ، تعشق الإنجاز والحرية ، وأنا بتعلقي الزائد بكَ ، واخبارك بأنك نقطة ضعفي أثقلت عليك حملاً كبيراً أنت لست بحاجته في الوقت الراهن ، أنت تريد أن تعيش وتنطلق ، وقد لا تعرف أنني ظللت إلى عهدٍ قريب أخجل من كوني أكبلك بمشاعر الحب والتعلق ، وكان لابد أن أعطك المساحه الكافية لتتنفس وأحبك كما تريد أنت، حباً حراً مستقلاً يدفع بك للنجاح والتحليق ، ولا يرجعك للوراء ويحملك مسئوليات جديدة».
في قلبي غصة تجعلني أختنق كل صباح كأنني أصعَّد في السماء ، وأنا أتذكر تبدل الحال ، وهذه العلاقة التي كانت تغمرني بالبهجة والسعادة قد تحولت إلى حالة من الحزن والكآبة ، ولكن.. لا أُريد أن تتوتر أنفاسي مُجددًا ، إلهي.. أزل عنّي خيط حزني الذي لا يتلف.. ، وضع صواع الأمل في رحالي أينما حللت ، وأخرجني من سجن نفسي وأهوائي ، واجعلني خفيفاً طيباً أينما نزلت وأرني كيف يكون الجبر العظيم من لدنك وليس من بشر.