أنباء اليوم
 أنباء اليوم

كل 117 ثانية طلاق في مصر.. عناد يدفع ثمنه الأبناء !

-

بقلم -.د. رحاب جاد المولي

تشهد مصر في السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات الطلاق، حيث تشير الإحصاءات إلى تسجيل حالة طلاق كل 117 ثانية، أي ما يعادل أكثر من 22 ألف حالة شهريًا، وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء . هذا التزايد المستمر في حالات الانفصال يثير قلقًا واسعًا حول تأثيراته الاجتماعية، خاصة على الأطفال الذين يتحملون العبء الأكبر من تبعات التفكك الأسري.

وحين يبدأ العناد بين الزوج وزوجته تنهار الأسرة تباعاً، وتزداد الفجوة بين الزوجين وتشتعل الخلافات الأسرية في ظل محاولة طرفي الخلاف استخدام كافة الأساليب للحصول على مكتسبات والانتصار على شريك حياته، فالزوجة تصر على إلحاق الضرر بالزوج مستخدمه الأطفال وحق الحضانة كوسيلة للحصول على حقوقها المسجلة بعقد الزواج، والزوج يستخدم الحيل لإجبار زوجته على الخضوع والتنازل عن حقوقها الشرعية مستعين بالنفقات الواجبة عليه فيأخرها تارة ويمنعها تارة أخري، ونجد الأطفال في المنتصف يعانوا الأمرين بسبب التناحر الأسري.

تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع معدلات الطلاق في مصر، ومن أبرزها:

المشكلات الاقتصادية: تشير الدراسات إلى أن 30% من حالات الطلاق تعود إلى الأزمات المادية، حيث يعاني العديد من الأزواج من ضغوط مالية تؤثر على استقرار الحياة الزوجية .

تدخل الأهل: يُعزى 44% من حالات الطلاق إلى تدخل الأهل بين الأزواج، مما يؤدي إلى تفاقم الخلافات وعدم القدرة على حلها بشكل ودي .

تأثير وسائل الإعلام: تسهم الدراما ووسائل التواصل الاجتماعي في تقديم نماذج غير واقعية للعلاقات الزوجية، مما يرفع سقف التوقعات ويؤدي إلى الشعور بعدم الرضا عن الواقع .

الأبناء: الضحايا الصامتون

يُقدَّر عدد الأطفال المتأثرين بالطلاق في مصر بحوالي 9 ملايين طفل، يعاني العديد منهم من مشكلات نفسية وسلوكية نتيجة التفكك الأسري . تشمل هذه المشكلات:

الاضطرابات النفسية: مثل القلق والاكتئاب والشعور بالذنب .

تراجع الأداء الأكاديمي: بسبب التشتت الذهني وعدم الاستقرار العاطفي .

صعوبات في التكيف الاجتماعي: نتيجة فقدان الشعور بالأمان والانتماء .

لمواجهة هذه الظاهرة، ممكن طرح عدة توصيات ومبادرات، منها:

تعديل قانون الأحوال الشخصية: بما يضمن حماية حقوق الأطفال وتسريع إجراءات التقاضي .

إلزام المقبلين على الزواج بالكشف الطبي الشامل وتحليل تعاطي المخدرات: لضمان التوافق الصحي والنفسي بين الزوجين .

تنظيم حملات توعية: بالتعاون بين الجهات الحكومية والمجتمع المدني، لتثقيف الشباب حول مسؤوليات الزواج وأهمية الاستقرار الأسري .

وختاما إن ارتفاع معدلات الطلاق في مصر يشكل تحديًا اجتماعيًا كبيرًا، حيث يدفع الأبناء الثمن الأكبر من تبعات هذا التفكك. لذا، يتطلب الأمر تضافر جهود المجتمع بأسره، من مؤسسات حكومية ومجتمع مدني وأسر، للعمل على تعزيز قيم الحوار والتفاهم، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للأسر المتضررة، لضمان مستقبل أفضل للأطفال والمجتمع ككل.