أنباء اليوم
 أنباء اليوم المصرية

قطوف إقتصادية . . حسبة السوق وأول وزيرة للتجارة فى الإسلام

-

بقلم الباحثة -أميرةعبدالعظيم

اليوم أحدثكم عن الدور الجلى الذي لعبته المرأة المسلمة في الإقتصاد في تاريخ الإسلام في السلم والحرب، وماساهمت به فى إثراء الحراك الإنساني والثقافي والإداري

إذن من هى تلك المرأة التى حازت على لقب وزيرة التجارة فى الإسلام ؟

هى (الشفاء العدوية) تلك السيدة التى سجل التاريخ إسمها فى لوحةشرف العظيمات من النساء المسلمات.

فهى تعتبر أول امرأة تولت إدارة الأسواق في عهد خليفة المسلمين الثاني عمر بن الخطاب، وقد كانت أهلا لذلك.

تعتبر الشفاء من أوائل المعلمات الجليلات في الإسلام، ومن النساء القلائل اللائي يعرفن القراءة والكتابة، وساهمت منذ وقت مبكر في تاريخ الدعوة الإسلامية في تعليم النساء تطوعاً منها، وممن تعلمن على يدها السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب، إحدى زوجات النبي الكريم.

يروى أن اسمها الأساسي ليلى وقد لقبت بـالشفاء وربما كان لهذا اللقب دلالات بعينها، يمكن أن تقود إلى معانٍ متعددة كخبرتها بمهارات العلاج.

وقد تزوجت مرتين، في المرة الأولى من أبوحثمة بن حذيفة القرشي، وولدت له سليمان، ومن ثم تزوجت من شقيقه مرزوق وولدت له أباحكيم.

إذا كانت الشفاء ذات الأصل القرشي، التي ينتهي نسبها إلى كعب بن لؤي، ذات صيت في تاريخ الإسلام، فإن ذلك الأمر بدأ منذ بواكير الدعوة فهي من أوائل النساء المؤمنات برسالة النبي والدين الجديد، وكانت كذلك من المهاجرات مع زوجها إلى الحبشة في الهجرة الأولى للمسلمين، كما بادرت للهجرة المبكرة في المرة الثانية إلى المدينة المنورة.

وفي وقت كان فيه التعلم قليلاً بين النساء كان لإجادة الشفاء القراءة والكتابة دور في حياتها إنعكس بجلاء مع بدء الدعوة وتشجيع النبي الكريم لها، الذي كان يكن لها التقدير، وبعد أن هاجرت خصص لها الرسول داراً بالمدينة نزلت فيها مع إبنها سليمان وكان يزورهما في تلك الدار، ما يدل على مكانتها عند محمد عليه السلام.

لقد ساعد الإسلام وتشجيع النبي وصحابته للشفاء في أن تلعب دور القدوة للنساء الأخريات وتزرع فيهن حب العلم والمعرفة، ولابد أن هذا الدور القيادي في مهنة التعليم التي تعتبر من أسمى المهن، حيث يقارن دور المعلم بالنبي، قد أكسب الشفاء مهارات في الإدارة والاقتراب من الناس ومعرفة النفوس والكثير من القيم الأخرى، وغيرها من جملة الأسباب التي شجعت ابن الخطاب على إختيارها لأمر الأسواق.

وأدرك أن السوق ليس بالمكان الهين، فهو ليس مجرد بيع وشراء، بل عمليات معقدة من التفاهم بين الناس والوساطات والصفقات والعقود، وتنظيم حركة البضائع والمبيعات والمشتريات والحفاظ على النظافة والترتيب والنظام العام، وغيرها من المطلوبات التي لا يمكن أن تدار إلا بذهن وقاد ينظر إلى الصورة بشكل كلي وذهني نقي.

وإذا كان من تشبيه لأمر الأسواق ومسؤوليتها، فإن الدور الذي لعبته الشفاء العدوية وهي تتولى هذا الجانب، يماثل دور وزير التجارة في عصرنا الحالي، فالشفاء كانت تقوم بكل مهام وواجبات وزيرة التجارة بكل تفاصيلها وأعبائها فى عصرنا الحالى .

إن الدور الذي لعبته الشفاء بوصفها أول من تولى أمر السوق من النساء، أو ما يعرف بنحو آخر من قبل بعض المؤرخين بـ حسبة السوق كان حدثاً لم يتحقق لولا إدراك الخليفة الثاني لميزات هذه المرأة والقدرات التي تجمعت في شخصيتها، كذلك توقير النبي لها، ما أهلها لهذا المنصب، وفضلها على الرجال في توليه لتصبح رمزاً قيادياً.

إذا كانت مهمة إدارة السوق تضم جوانب متعددة، بإضافة مفهوم الحسبة فإن هذا الدور يتضمن جانباً رقابياً أيضا في ضبط السلع والمشتريات وسلوك البائعين والحفاظ على الميزان ومنع التطفيف في البيع والشراء، وهو دور ليس بالسهل من ضمن الأدوار المتعددة في ولاية السوق.

فهل لنا من شفاء تشفى صدور أسواقنا

وترسم لها آفاق نهضتها من جديد .