أنباء اليوم المصرية

لقطة لغوية من إعجاز القرآن الكريم.. خمسة أوجه لإعراب ”إنَّ هذان لساحران”

صورة تعبيرية
ناجح وهبة -

بسم الله الرحمن الرحيم

ورد في إعراب قوله تعالى : {إن هذان لساحران }للامام اللغوي النحوي جمال الدين بن هشام في كتابه { شذور الذهب في معرفة كلام العرب } وهو إعرابٌ كاف ٍ واف ٍ

شاف ٍ ان شاء َ اللـــــه ُ

قال رحمه الله :

الأول - أن لغة بلحارث بن كعب ، وخثعم،

وزبيد، وكنانة وآخرين استعمال المثنى بالألف دائما ً ، تقول : جاء الزيدان،

ورأيت الزيدان، ومررت بالزيدان، قال شاعرهم :

تزوّد مـنـّا بين أذنـــاه طــعـنة دعــتـه إلى هــابي التراب عـقيم

وقال الآخر :

إن أبــــــاها وأبــــــا أبــــاها قد بلغا في المجد غايــتـــــاهــــا

فهذا مثال مجيء المنصوب بالألف، وذاك مثال مجيء المجرور بالألف.

الثاني - أن "إنَّ" بمعنى نعم مثلـُهَا فيما حكي أن رجلا سأل ابن الزبير شيئا ً فلم يعطه،

فقال : لعن الله ناقة حملتني إليك، فقال : إنَّ وراكِـبَهَا، أي نعم ولعن الله راكبها، و"إن"

التي بمعنى نـَـعَـم لا تعمل شيئا ً، كما أن نـَعَـم كذلك، فـ ( هذان) مبتدأ مرفوع بالألف،

و(ساحران ) خبر لمبتدأ محذوف، أي : لهما ساحران، والجملة خبر (هذان) ولا يكون

(لساحران) خَبَرَ (هذان) لأن لام الابتداء لا تدخل على خبر المبتدأ.

الثالث - أن الأصل إنه هذان لهما ساحران،

فالهاء ضمير الشأن، وما بعدها مبتدأ وخبر، والجملة في موضع رفع على أنها

خبر "إنَّ" ثم حُـذف المبتدأ وهو كثير ،

وحذف ضميرالشأن كما حذف من قوله صلى الله عليه وسلم" إن من أشد الناس عذابا

يوم القيامة المصورون" ومن قول بعض العرب " إنَّ بك زيدٌ مأخوذ".

الرابع - أنه لما ثـُـنـِّيَ "هذا" اجتمع ألفان : ألـِـفُ هذا، وألف التثنية؛ فوجب حذف

واحدة منهما لالتقاء الساكنين؛ فمن قـَـدَّر المحذوفة ألف " هذا" والباقية ألف التثنية

قلبها في الجر والنصب ياء ، ومن قـَـدَّر العكس لم يغير الألف عن لفظها.

الخامس - أنه لما كان الإعراب لا يظهر في الواحد - وهو"هذا" - جــعـــل كذلك في التثنية ، ليكون المثنى كالمفرد لأنه فرع ٌ عليه.

وأختار هذا القول الإمام العلامة تقي الدين أبو العباس أحمد بن تـَيْــمِـيَّة رحمه الله .