أنباء اليوم المصرية

شمس النقد تنطفئ برحيل الدكتور صلاح فضل بعد مسيرة أدبية حافلة

صلاح فضل
عادل محمود -

رحل الناقد الأدبي الكبير الدكتور صلاح فضل رئيس مجمع اللغة العربية عن عالمنا اليوم السبت عن عمر ناهز ال84 عاما بعد مسيرة أدبية حافلة بالعطاء مثلت فيها تجربته حالة خاصة في الثقافة المصرية.
فمن جانبه، قال الناقد الكبير عيد عبدالحليم "إن تجربة الناقد والمفكر الراحل د. صلاح فضل تمثل حالة خاصة في الثقافة المصرية، فقد كان الراحل أحد المجددين في النقد العربي، خاصة في مجال نظرية السرد".
وأضاف عبد الحليم - في تصريحات للقسم الثقافي لوكالة أنباء الشرق الأوسط - أن كتب الدكتور فضل المتعددة شاهدة على ذلك ومنها كتابه "أساليب السرد"، بالإضافة إلى كونه من أكثر النقاد متابعة لأحداث الإصدارات الأدبية.
وأشار إلى أن مقال فضل بصحيفة "الأهرام" والذي ظل يكتبه لسنوات طويلة مسخرا للكتابة عن الأجيال الجديدة، وقد كان هذا محاولة جادة منه لإضاءة المشهد الثقافي المصري والعربي بمقالات نقدية تحليلية مهمة.
وتابع "أضف إلى ذلك عمله الأكاديمي المتميز فقد تخرج على يديه أجيال متعددة ممن أصبحوا الآن من النقاد المهمين، كان الدكتور صلاح فضل بالنسبة لهم الأستاذ والأب، فالجانب الإنساني أحد الجوانب المهمة في شخصيته".
وشدد على أن الراحل صلاح فضل، هو أحد الكبار في تاريخ النقد العربي وإن اختلف معه البعض، ومع ذلك تبقى قيمته معروفة عند كل الأجيال، مشيرا إلى أنه لا يمكن أن ننسى دور الراحل في إدارة عدد من المؤسسات الثقافية مثل دار الكتب والوثائق القومية، ومجمع اللغة العربية الذي ترأسه في الأعوام الأخيرة.
بدورها، قالت الشاعرة هاجر عمر "إن شمس النقد التي أضاءت وتعلم منها العلماء أطفئت، وها هم تلاميذه يملأون الساحة العربية من المحيط إلى الخليج".
وأضافت الشاعرة هاجر عمر - لوكالة أنباء الشرق الأوسط - أن الراحل صلاح فضل لا تحده الألقاب بل هو يشرف الألقاب والمناصب ذلك الرجل الذي تعددت مشاربه، ما بين الثقافة الإسلامية في الأزهر الشريف، والثقافة الملتزمة في دار العلوم والآداب والثقافة المنفتحة على العالم في أسبانيا (الأندلس) كما أحب أن أسميها.
وذكرت أن صلاح فضل صاحب النظريات العلمية والآراء النقدية التي وضعت برسوخ أقدام أسماء عظيمة من المبدعين على أرض صلبة على خريطة الثقافة العربية، فقد عرفه الجمهور كنجم من خلال برنامج أمير الشعراء والذي قدم شعراء ملأوا الساحة إبداعا وتميزا، وعرفه المثقفون كعلامة نقدية فارقة من خلال مقالاته وندواته ولقاءاته معهم، وعرفه الباحثون (طلاب الماجستير والدكتوراة) من خلال كتبه التي تعد من أعظم مراجع النقد لا أبالغ لو قلت في العالم.
ورأت أن الدكتور صلاح فضل سيبقى أكبر أعلام النقد العربي في تاريخه المعاصر والوتد الذي شد خيمة النقاد رغم كونه شيخ النقد إلا أن أراءه النقدية ستبقى شابة حية تضيء المشكاة في طريق الإبداع والمبدعين.
ويعد فقيد الفكر والأدب والمجمع أ.د.صلاح فضل، صاحب مسيرة علمية حافلة بالعطاء والإنجاز؛ فهو ناقد أدبي بصير بفنون الأدب العربي والأدب المقارن ونظرية الأدب ومناهج النقد الحديث، ومترجم. ولد الدكتور صلاح فضل (محمد صلاح الدين عبدالسميع فضل) بقرية شباس الشهداء بوسط الدلتا في عام 1938. اجتاز المراحل التعليمية الأولى الإبتدائية والثانوية بالمعاهد الأزهرية. حصل على ليسانس كلية دار العلوم – جامعة القاهرة عام 1962. عمل معيدا بالكلية ذاتها منذ تخرجه حتى عام 1965.
أوفد في بعثة للدراسات العليا بإسبانيا وحصل على دكتوراه الدولة في الآداب من جامعة مدريد المركزية عام 1972. عمل في أثناء بعثته مدرسا للأدب العربي والترجمة بكلية الفلسفة والآداب بجامعة مدريد منذ عام 1968 حتى عام 1972. تعاقد خلال الفترة نفسها مع المجلس الأعلى للبحث العلمي في إسبانيا للإسهام في إحياء تراث ابن رشد الفلسفي ونشره.
عمل بعد عودته أستاذا للأدب والنقد بكليتي اللغة العربية والبنات بجامعة الأزهر. وعمل أستاذا زائرا بكلية المكسيك للدراسات العليا منذ عام 1974 حتى عام 1977. أنشأ خلال وجوده بالمكسيك قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة المكسيك المستقلة عام 1975.
انتقل للعمل أستاذا للنقد الأدبي والأدب المقارن بكلية الآداب بجامعة عين شمس منذ عام 1979 حتى الآن.
انتدب مستشارا ثقافيا لمصر ومديرا للمعهد المصري للدراسات الإسلامية بمدريد بإسبانيا منذ عام 1980 حتى عام 1985 رأس في هذه الأثناء تحرير مجلة المعهد المصري للدراسات الإسلامية بمدريد. اختير أستاذا شرفيا للدراسات العليا بجامعة مدريد المستقلة.
انتدب بعد عودته إلى مصر عميدا للمعهد العالي للنقد الفني بأكاديمية الفنون بمصر منذ عام 1985 حتى عام 1988. وعمل أستاذا زائرا بجامعات صنعاء باليمن والبحرين حتى عام 1994. كما عمل أستاذا للنقد الأدبي والأدب المقارن بكلية الآداب بجامعة عين شمس ورئيسا لقسم اللغة العربية وعمل كأستاذ متفرغ فيها لقبيل وفاته.
كما انتدب لتولي رئاسة مجلس إدارة الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية في يناير 2002 حتى مارس 2003 حينما أحيل للتقاعد بعد بلوغه السن القانونية.
وكان للدكتور صلاح فضل نشاط أكاديمي وثقافي واسع في مصر وخارجها؛ حيث: شارك في اللجنة التنفيذية العليا لمؤتمر المستشرقين الذي عقد في المكسيك عام 1975.
وشارك في تأسيس مجلة "فصول" للنقد الأدبي، وعمل نائبا لرئيس تحريرها على فترات متفاوتة منذ عام 1980 حتى عام 1990 كما اختير عضوا شرفيا بالجمعية الأكاديمية التاريخية الإسبانية وشارك في تأسيس الجمعية المصرية للنقد الأدبي وعمل رئيسا لها منذ عام 1989.
واختير عضوا بالمجلس الأعلى للثقافة والإعلام بالمجالس القومية المتخصصة، وعضو شعبتي الثقافة والأدب وعضو اللجنة العلمية العليا لترقية الأساتذة في الجامعات المصرية.
واختير رئيس اللجنة العلمية لموسوعة أعلام علماء وأدباء العرب والمسلمين بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ومستشار مكتبة الإسكندرية منذ عام 2003 وانتخب عضوا بالمجمع العلمي المصري عام 2005. واشترك في مؤتمرات الإصلاح بمكتبة الإسكندرية، وشارك في كتابة وثائقها منذ عام 2005.
وأشرف على مجموعة من السلاسل في الهيئة المصرية العامة للكتاب، مثل: دراسات أدبية، ونقاد الأدب وأسهم في إقامة عدد من المؤتمرات العلمية والنقدية، وأدارها في مصر وإسبانيا والبحرين، وشارك في معظم الملتقيات العلمية العربية.