أنباء اليوم المصرية

صورة اليوم : ”شجرة مريم”

شجرة مريم
عادل محمود -

أهم محطة في رحلة العائلة المقدسة إلى مصر ..

"مُباركة أنتِ في النساء .. ومباركة هي ثَمرةِ بطنك"، عبارة كتبت على جدار لتحيط واحدة من البقع المقدسة التي توليها الدولة اهتماما كبيرا من ضمن الأثار القبطية في مصر اليوم، رحلة مقدسة قامت بها العذراء مريم حاملة معها وليدها هروبًا من بطش الرومان، ومن ظلم الملك الروماني اليهودي "هيرودس"، الذي أراد قتل المسيح ، بعد سماعه بوجود طفل، يتوقع الكهنة أن يكون نبيا من عند الله وملكا على اليهود، فخاف على مملكته وأمر بقتل الأطفال المولودين في بيت لحم بفلسطين.
رحلة مقدسة قامت بها مريم برفقة طفلها، إيمانها بربها يرشدها سبيلها ودربها، حملت العذراء طفلها في خوف من ظلم الرومان، لتعطف عليها مصر، ويذكر المؤرخون أنها مرت بمنطقة عين شمس بالقرب من المطرية، فانحنت الشجرة عليها هي والمسيح، حتى أخفتهما عن أعين رجال هيرودس ونجيا من بطشه.
شجرة جميز تتوسط المنطقة، بثلاثة افرع تعلو في السماء، ذكرها التاريخ كواحدة من المحطات التي شهدت حياة مريم العذراء، ومن جانب آخر، يقع البئر المقدس، الذي شربت منه العذراء وتزودت به فترة احتمائها في الشجرة.
الكثيرون يمرون بالمكان، منهم من علم قدسية المكان وعطف على الشجرة يتبارك بها ومنهم من مرّ فقط جاهلا تاريخ الشجرة، ومرّ من هناك الجنود الفرنسيون إبان الحملة الفرنسية في مصر، وحفروا أسماءهم على الشجرة بسيوفهم التي مازالت واضحة حتى الآن على فروع الشجرة.
وذكر المؤرخ الإسلامي المقريزى الذي عاش في منتصف القرن الخامس عشر الميلادي، أن العائلة المقدسة حطت بالقرب من عين شمس ناحية المطرية وهناك استراحت بجوار عين ماء ، وغسلت مريم فيها ثياب المسيح وصبت غسالة الماء بتلك الأراضي، ولا تزال الكنيسة القبطية المصرية تحتفل بتلك الذكري المباركة أول شهر يونيه من كل عام وهى تذكار دخول المسيح أرض مصر .
ويضم المكان غرفة المحكى التي تحتوي اللوحة التخيلية للشجرة و العائلة المقدسة، و في جانب اخر ، معرض يضم جميع المحطات التي مرت بها العذراء في مصر من شمالها وحتى صعيد مصر بالجنوب، صور وخرائط تزين الجدران بالمعرض، يتوسطه مزود عثر عليها بجوار شجرة مريم هدية من المتحف القبطي.
سارت العائلة المقدسة من بيت لحم إلى غزة حتى محمية الزرانيق غرب العريش، ودخلت مصر عن طريق صحراء سيناء من الناحية الشمالية من جهة الفرما، متجهة إلى مدينة تل بسطا بمحافظة الشرقية، ثم منها إلى سمنود وسخا بمحافظة كفر الشيخ، ومنها إلى منطقتي المطرية وعين شمس، التي يكمن فيها الكهف الذي اختبأت فيه السيدة العذراء هي وابنها الصغير بصحبة القديس يوسف النجار.
بعدما استظلت السيدة مريم العذراء بشجرة الجميز وارتوت من ماء البئر الذي نبع تحت قدمي عيسى عليه السلام، اتجهت إلى مغارة صغير على بعد أمتار من الشجرة المباركة لتقضى ليلها وتتعبد فيه .
الآن قد تغيرت ملامح المكان كثيرًا عن زى قبل، يوجد المغارة حاليًا في جزء مستقل داخل حدود كنيسة العائلة المقدسة في منطقة المطرية شارع شجرة مريم نسبة لوجود الشجرة والبئر، ويوجد أعلى المغارة كنيسة صغيرة يقال أن السيدة العذراء مريم كانت تتعبد فيها هي وصغيرها.
إذا نظرت داخل المغارة تجده منحوت في ثلاث أشكال، يقال أنهم هم أفراد العائلة المقدسة السيدة مريم العذراء وصغيرها عيسى عليه السلام والقديس يوسف النجار.
يذكر أنه في أكتوبر عام 2017 بارك البابا فرنسيس الأول بابا الفاتيكان مسار العائلة المقدسة بمصر، واعتمد مسار العائلة المقدسة كأحد مزارات الحج للمسيحيين، وتعد هذه الخطوة تشجيع صريح لمليار ونصف المليار من المسيحيين للحج على الأراضي المصرية كل عام.

تضم أعمال مشروع تطوير منطقة شجرة مريم، التي بدأتها محافظة القاهرة ووزارة السياحة والآثار، ترميم الشجرة، وعمل أسوار حديثة حول المنطقة، واستكمال كل أعمال تشغيل شلالات المياه الموجودة عند فوهة البئر المجاور للشجرة، كمنظر جمالي للمنطقة ، وأعمال خدمات رفع المياه، بالإضافة إلى تجهيز منطقة الكافيتريات، وتطوير نظم الإضاءة والتأمين بالمنطقة الأثرية، ورفع كفاءة الحديقة العامة، وتجهيز مركز للزوار وإقامة قاعتي عرض دائم بالمنطقة، لتعريف الزائرين بتاريخ رحلة العائلة المقدسة في مصر، وتاريخ شجرة مريم من خلال عرض أفلام تسجيلية ووثائقية.
كما يشمل المشروع طلاء وتجميل العقارات المجاورة لمنطقة شجرة مريم، لتليق بصورة مصر، خاصة أن هذه النقطة من نقاط مسار العائلة المقدسة المهمة بالقاهرة، التي ستشهد إقبال عددا كبيرا من السياح والزائرين لها.
جدير بالذكر، أن مشروع إحياء مسار العائلة المقدسة إلى مصر، يعد مشروعا قوميا، باعتباره محورا عمرانيا تنمويا، يقوده قطاع السياحة، ويؤدي إلى تنمية هذا المحور، إلى تنمية المجتمعات المحيطة بطول المسار.
يضم مسار رحلة العائلة المقدسة، 25 نقطة تمتد لمسافة 3500 ذهابا وعودة من سيناء حتى أسيوط، حيث يحوي كل موقع حلت به العائلة، مجموعة من الآثار في صورة كنائس أو أديرة أو آبار مياه، ومجموعة من الأيقونات القبطية الدالة على مرور العائلة المقدسة بتلك المواقع، وفقا لما أقرته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر.
وبدأت رحلة دخول العائلة المقدسة من رفح بالشمال الشرقي للبلاد، مرورا بالفرما شرق بورسعيد، وإقليم الدلتا عند سخا بكفر الشيخ، وتل بسطا بالشرقية، وسمنود بالغربية، ثم انتقلت إلى وادي النطرون في الصحراء الغربية، حيث أديرة الأنبا بيشوي، والسيدة العذراء "السريان"، والبراموس، والقديس أبو مقار.
واتجهت بعد ذلك، إلى منطقة مسطرد والمطرية، حيث توجد شجرة مريم، ثم كنيسة زويلة بالقاهرة الفاطمية، ثم مناطق مصر القديمة عند كنيسة أبو سرجة في وسط مجمع الأديان.
ومنها إلى كنيسة المعادي، وهى نقطة عبور العائلة المقدسة لنهر النيل، حيث ظهرت صفحة الكتاب المقدس على سطح المياه، مشيرة إلى المقولة الشهيرة "مبارك شعبي مصر"، وصولا إلى المنيا، حيث جبل الطير، ثم أسيوط، حيث يوجد دير المحرق، وبه أول كنيسة دشنها السيد المسيح بيده.
ثم انتقلت إلى مغارة درنكة، ثم العودة مجددا إلى أرض الموطن عند بيت لحم.
وقد وجه فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي يوم الاحد الموافق 27 سبتمبر 2020 بضرورة تطوير منطقة شجرة مريم في حي المطرية باعتباره مشروعا قوميا هاما