أنباء اليوم المصرية

كريم غباشي وتجربته الجديدة مع” كفر الخياط”

الكاتب/ كريم غباشي
إيمان السيد حجاج -

كعادة هذا الكاتب الذي يُدهشنا بجمال أسلوبه ، فالرواية شَبحية تميل إلى الواقعية الخيالية بعض الشيء ، أماكن تلك الرواية حقيقة بالفعل ، الأحداث واستنباط الأفكار ، طريقة سرد وتلاطم الأفكار كل هذه الأشياء أتقنها الكاتب بِتمَعُن .
دَعُونا نأخذ جولة في ثنايا وخبايا تلك الرواية من البداية حتي النهاية

- الأسماء التي اختارها الكاتب لروايته تدل علي إتقان واطلالة أدبية فإختيار الأسماء في حد ذاتها تدل علي حرفية تلك الكاتب ، فهي تميل للتراث القديم حيث أختار أسماء تتماشي مع الحقبة الزمنية الذي يكاد أن يَجرفُنا نحوها ومن ضمن هذه الأسماء ( صالح ، سويلم ، سعاد ، فرحة.....)

- سننتقل لطريقة سرد وتتابع الأحداث وهذا من رأيي الشخصي أفضل ما يتمتع به الكاتب ، فهو ذو طابع سردي مُهندم ومنسق ، وهذا إن دل علي شيئ يدل علي مهارته الكامنة في طريقة سرده لأحداث روايته فهو أتقن السرد من قبل في رواية
(يتعلمون منهم السحر) ويكرر نفس الإتقان بل وأكثر في رواية( كفر الخياط )

-الأحداث غير متوقعة يجعلك تستنبط ما هو قادم ولكن النهاية حتمية خاضعة لتلاعسم أفكاره فهو الوحيد القادر علي خلق نسيج من الأفكار إما أن تكون خادعة لتخمينك أَم أنها تكون متشابكة ومن يستطيع حل تلك التشابك الكاتب وحده فقط ، فتتابع الأفكار منذ البداية يجعلك تخمن أن هذه ليست النهاية ولكن ما يحدث بالفعل أن الكاتب يحاول أن يوسع دائرة أفكارنا ، يجعلنا نفكر بعمق نتساءل مع ذواتنا - من الجاني ؟!
-من القاتل ؟!
-هل صالح (شخصية شريرة داخل الرواية ) هو نفسه سويلم الدجال؟
أسئلة وتساؤلات حول أحداث الرواية ولكن في النهاية ستصل لكل تلك الأجوبة ، فالأجوبة بين ثنايا السطور.

- الحبكة
فالرواية متعددة الحبكات
في كل حكاية فكرة وحبكة جديدة.

- الأسلوب
فالكاتب أستطاع أن يوصل هذا الكم من المعلومات
من خلال أسلوبه ، الذي له طابع خاص ، فَلكل كاتب أسلوبه الذي يميزه عن غيره من الكُتاب ، وهو أتقن السرد وأحسنَ الأسلوب .
أعجبني وجعلني أتحدث مع نفسي لبعض الدقائق هذا الاقتباس
في صفحة 75
"فَسعاد ظُلمت والمظلوم لا يقوى على الظلم"
وأيضا في نفس الصفحة هذا الاقتباس
"لا أعلم لِمَ الأشرار يتحدثون كثيراً !"
تجرد الكاتب من ثوب الشبحية ولبس ثوب الإنسانية ، أيعقل أن ينتصر الظالم علي المظلوم ؟!
أيعقل أن تكون النهاية لصالح الشر ، النهاية حتمية وهو أن المظلوم أنتصر

- إسم الرواية نفسه نوع من الغموض الذي هو عنصر من عناصر تلك الرواية
فَمن البداية أنت في غموض عزيزي القارئ وعليك فك كل تلك الشفرات وتحليلها
لذا كن صبوراً ومستمتع ومُلح علي نفسك هذا السؤال
ماذا سيحدث ؟!

- الكاتب مُتأصل ومتعلق بِلغة القرآن الكريم أكثر من تأثره باللغة العربية بمعناها العام ، فذكر لك بعض الدلالات والآيات القرآنية وأن اللعنة التي عَمت على أهل القريتين ليست لعنة السحر أو الدجل
إنما لعنة البُعد عن الله وإتباع كلام الدجالين.

أخيراً
سنتجرد من كَون الرواية شبحية وننتقل كونها إنسانية
كيف لصديق أن يخون ؟؟
وكيف لشيخ أن يكذب؟
وكيف لِمحقق أن يتغاضى عن الحقيقة!
وكيف لـ أُناس تلك القرية أن يكونوا في غفلة هكذا
تذكرت قول الله عز وجل
"في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا"
كيف لزوج أن يعذب زوجته هكذا وأن يتجرد من الإنسانية كإنسان ومن حبه كزوج ويتركها ويُكبلها في مكان مجهور!
في بداية الأمر يستحوذُكَ شعور أن الشر قد حال وعَم
ولكن لا تكن مثل أهل القرية عزيزي القارئ وتأخد بظاهر الأشياء ولا تنظر لباطنها .
تذكر دائماً قول النبي صل الله عليه وسلم عندما قال
" الخير في وفي أمتي إلى يوم القيامة "
سأكتفي بهذا القدر التحليلي لتلك الرواية ، أريدك أنت تعلم خفاياها بمفردك ، فالرواية مُمتلئة بالخفايا والغموض .

نَشكر الكاتب علي المجهود الرائع في كتابة تلك الرواية
حقاً كل التقدير والإحترام لقلمك الخاص وأفكارك المتنوعة وأسلوبك المتقن الذي عمل علي خروج هذا العمل بهذه الحرفية.
لا تسع كلماتي لوصف الكثير والكثير عن تلك الرواية ولكن سأجعلك أنت تُكمل الناقص في حديثي عزيزي القارئ
فأنت الوحيد القادر علي الحُكم بأن الكاتب يستحق أن يكون كاتباً أَم لا.
لذا كُن منصف في قرأتك وعادل في حكمك.