أنباء اليوم المصرية

عادل محمود يكتب : ” القناعةُ والرضا كنزٌ لا يفنى ”

أ/عادل محمود
-

أحياناً ممكن تنظر علي حياة واحد قريب منك وتحس انها حياة مرفهه... بيعمل في مكان مرموق ومستقر فيه وبيتقاضي اجر مرتفع ... متزوج زوجه من عائلة وجميلة وواضح ان في بينهم تناغم ... واولادهم حالتهم جيده .... ومقيم في منطقه راقيه وشقة فخمة... الخ

ولما ترجع تنظر علي حياتك تشعر ان فيها مشاكل كتير... مشاكل في العمل ....او حياتك الاسرية مش مستقرة... او الشقة اللي مقيم فيها مش مريحاك ولا تستطيع أن تغيرها .... او ابتلاء سلوكي او جسماني في احد ابنائك .... وهكذا

وبشكل تلقائي تقارن نفسك بيه وتبتدي تسأل نفسك هو ليه فلان حياته افضل مني؟..... وده بيجعلك ناقم علي حياتك ودايما حاسس بأن لديك الكثير من نقاط الضعف ... ولاتري النعم اللي ربنا أنعم عليك بيها ... وأحيانا يتطور الموضوع للدخول في دايرة الحسد علي الآخرين.

المشكلة في طريقة التفكير بالشكل ده .... ليه؟

اولا : إنت افترضت ان حياة هذا الشخص ذي ما انت متخيل او ذي ما هو مصورها للناس.... والكلام ده مش حقيقي....كل بيت فيه مشاكل مخفية عن الناس...... ممكن يكون عليه ديون وانت ماتعرفش..... ممكن يكون التناغم اللي بينه وبين زوجته تناغم ظاهري وفِي الحقيقة هما منفصلين نفسيا .... ممكن يكون عنده مرض نفسي او عضوي وبيتعالج وانت لاتعلم .... ممكن يكون في احد من أبنائه مصاب بمرض عضوي بيصرف عليه الكثير من المال وهو لايفصح عنه

ثانيا : انت قارنت نفسك بيه في الوقت الحالي

وانت ماتعرفش ماضيه كان إزاي.... ممكن يكون مر بطفولة قاسية كسرت حاجات كتير جواه... ممكن يكون مر بتجربة خطوبة زمان وقلبه لسه متعلق بخطيبته الاولي

وايضا انت لاتعلم ..ممكن يحدث له ابتلاء في المستقبل يدمر حياته اللي انت نفسك فيها.... شركته الكبيرة والمستقرة دلوقتي ممكن بكرة تغلق ولو انت مكانه مش هتستحمل.... ممكن يفقد حد من عائلته..... وهكذا

ثالثا: مين قال ان لو كان عندك اللي عنده هتكون مبسوط.... احيانا حرمانك من شئ معين هو سبب نجاتك... ارجع لسورة الكهف .... هتلاقي السورة بتقولك ان أحيانا الخرق في السفينة هو سبب نجاتك .... وأن وجود الولد ممكن يكون سبب شقاءك وموته هو سبب نجاتك.

رابعا: الشخص اللي بتقارن نفسك بيه ممكن يكون مش حاسس بالنعم الكتيرة اللي عنده ...قيمة الشئ في الحقيقة في تذوق وجوده والرضا بيه.... فممكن تكون انت اقل منه ظاهريا بس أنت أكثر غني منه في نهاية الأمر .

مفيش حد حياته مثالية تماما.... كل واحد فينا عنده مشكلة في منطقة ما في حياته.... وده شئ لا بد منه عشان إحنا في الدنيا مش في الجنة .... وعشان ما نتعلقش بالدنيا أكتر من كده.

خلاصة الكلام في قوله سبحانه وتعالي: {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى} (طه:131).