أنباء اليوم المصرية

ميلاد أمة بميلاد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )

صورة تعبيرية
بقلم - محمد عادل العمري -

الحمد لله رب العالمين وبعد :

يقول الله تعالى في محكم آياته :(لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ..إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) آل عمران 164، وقال سبحانه (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ..عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ..حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ.. بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) التوبة 128،

لقد كان ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم ميلاد أُمَّة، وميلاد فجر جديد ، وميلادا للقيم والأخلاق والمثل العليا والحضارة الراقية ، فهو صلى الله عليه وسلم الذي أخرج الله به البشريةَ من الظلمات إلي النور، وأزال به حيرتها وتخبطها العقائدي، فردَّها إلي التو حيد الخالص ،ميراث إخوانه الأنبياء والمرسلين، فكان بحق رحمة الله للعالمين . نعم لقد كان ميلاده صلى الله عليه وسلم ميلاد أمَّةٍ، وكانت بعثتُه بعثة رَحمة، وكان مَقدَمُه مقدم رسالة ، جاءت لتغيِّر مجرى التاريخ، فبميلاده بَيَّض الله وجهَ الأرض، وعطر به نَسيم الكون، ونظم شؤونَ الحياة‏، وغيَّر الواقع السيِّئ الذي كانت تعيشه البشرية ، فرفعَ الله به المعاناة عن كاهِل البشَر، وقضى على الجهل والظُلمِ، وأثمرَت دعوته الأملَ من جديد؛ كما قال صلى الله عليه وسلم : (إنَّما بُعِثتُ لأتمِّم مكارم الأخلاقِ) رواه البيهقي ، وكان ميلاده ميلاد أمة ، فقد كانت حاجة العالَم إليه صلى الله عليه وسلم حاجة المريض إلى الشِّفاء، والعطشان إلى الماء، والعليلِ إلى الدواء، والنَّظر الذي تتمنَّاه العين العمياء. نعم لقد وُلد الحبيب صلى الله عليه وسلم ، فكان ميلادُه ثورةً على الظُّلم، وكانت بعثته نجدة للمظلومين، أُطفِئَت نارُ فارس، وزلزلَت عروشُ قيصر، وانهدمَت قصورُ الاستبداد، وسقطَت شرفات الظُّلم، بعد أن كان العالَم غابةً يأكل القويُّ فيها الضَّعيف، ويَلتهم الغنيُّ فيها الفقيرَ. كان ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم ميلاد أمة ، إذ كانت الحياة قبل مولده يائسة، ساد فيها الظلم والبغي والفواحش ، واجتال الشيطان بنى البشر ،فحوَّلهم عن دينهم الذى دعا إليه سائر الأنبياء والمرسلين ، وقبل بعثته صلى الله عليه وسلم أظلمت الحياة، وعمَّ الجهل، وانتشر الظلم، وسادت شريعة الغاب، فكان ميلاده ميلاد أُمَّة، فهو الذي أخرج به ربُّهُ البشريةَ من الظلمات إلي النور، وأزال ببعثته حيرتها وتخبطها العقائدي ، فردَّها إلي التو حيد الخالص، ميراث إخوانه الأنبياء والمرسلين، فكان بحق رحمة الله للعالمين، قال الله تعالي: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } (107) الأنبياء.

إن ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ميلاداً لأمة ، فالميلاد النبوي كان ميلادا للعقل المتحرر من التقليد الأعمى، وتحريرا للعقل من الخرافات ،التي يقلّد فيها الأبناء الآباء تقليدًا أعمى، لقد جاء ميلاد محمد صلى الله عليه وسلم ليحرر عقول البشر من الخضوع للخرافات والدجل والارتهان للأصنام، قال تعالى : (قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (74) قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ) (71) :(81) الشعراء ، وفي سنن الترمذي (عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَكُونُوا إِمَّعَةً تَقُولُونَ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا وَإِنْ أَسَاءُوا فَلاَ تَظْلِمُوا ».