أنباء اليوم المصرية

الهجرة إلى الإيمان وليست مقصورة على الأوطان

كتب ـ محمد عادل -

الحمد لله رب العالمين وبعد : يقول الله تعالى في محكم آياته على لسان نبيه إبراهيم - عليه السلام -
" وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " ، وروى البخاري في صحيحه قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – : « الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ »

فالهجرة ليست مقصورة على هجرة الأوطان ، ولكن الهجرة كما بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله (وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ ) ، فالهجرة هي هجر الكفر إلى الإيمان ، وهجر الضلال إلى الهدى ، وهجر المعاصي إلى الطاعات ، فالهجرة مفتوحة دائما ،
يَقُولُ رَسُول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : « لاَ تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ وَلاَ تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا » ،

فالمسلم في حاجة دائمة إلى هجر فحش القول ، وبذئ الكلام ، إلى الطيب من القول وما يرضي الرحمن ، فإنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « مَا شَيْءٌ أَثْقَلُ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ خُلُقٍ حَسَنٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَيَبْغَضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيءَ » .

وعلى المسلم أن يهجر الغفلة والغافلين ، وأن ينتظم في طريق الذاكرين الله كثيرا والمسبحين ، فعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ أَيُّ الْعِبَادِ أَفْضَلُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ « الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ » .

وعلى المسلم أن يهجر الإسراف في الطعام والشراب ،ليبقى نشيط القلب والبدن ،على الطاعات – يَقُولُ رَسُول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم « مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ حَسْبُ الآدَمِيِّ لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ غَلَبَتِ الآدَمِيَّ نَفْسُهُ فَثُلُثٌ لِلطَّعَامِ وَثُلُثٌ لِلشَّرَابِ وَثُلُثٌ لِلنَّفَسِ » .

وعلى المسلم أن يهجر نومه وتكاسله حين يسمع النداء ،(الصلاة خير من النوم ) فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ فَلاَ تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ »

وعلى المسلم أن يهجر سيء الأخلاق ، وفظاظة الطباع ، وغلظة القلب في التعامل مع الآخرين ، وأن يتحلى بالأخلاق الحسنة فالنَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «إِنَّ الْمُؤْمِنَ يُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَاتِ قَائِمِ اللَّيْلِ صَائِمِ النَّهَارِ »

وعلى المسلم أن يهجر النفاق والمنافقين ، وأن يكون مع المؤمنين الصادقين استجابة لقول رب العالمين : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) ، وقال تعالى ( إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا )

فالمهاجر : من هجر الدنيا وإغراءاتها ، وابتغى بها وجه الله تعالى ، قال تعالى : (فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ) (33) لقمان ،والمهاجر: من هجر البطالة ،وشمر عن ساعد الجد والعمل ، وعمل بأسباب الكسب الحلال، صونا لماء وجهه ، ففي صحيح البخاري (أن رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ – عَلَيْهِ السَّلاَمُ – كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ » .

والمهاجر أيضاً من هجر السلبية والأنانية ، وكان إيجابياً في مشاركة ومساعدة غيره المسلمين ، والمهاجر: من هجر عادة الكسل ، وعقد العزم على حفظ كلام ربه وتعليمه لغيره، ففي صحيح البخاري :عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ » ،

وخاتمة يجب علينا أن نحرص في هجرتنا إلى الله تعالى على تصحيح النية ،وإخلاص القصد لله لكي تكون هجرتنا إلى الله ورسوله ،لا لدنيا نصيبها ، ، ففي الصحيحين – يَقُولُ رَسُول اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم « إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ ، وَإِنَّمَا لاِمْرِئٍ مَا نَوَى ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ »