أنباء اليوم
الثلاثاء 9 سبتمبر 2025 09:30 مـ 16 ربيع أول 1447 هـ
 أنباء اليوم
رئيس التحريرعلى الحوفي

محافظة الشرقية أرض التاريخ والبطولات في عيدها القومي


في التاسع من سبتمبر من كل عام تحتفل محافظة الشرقية بعيدها القومي، وهو اليوم الذي ارتبط بذكرى الزعيم أحمد عرابي ابن قرية هرية رزنة، حينما وقف في ميدان عابدين عام 1881 شامخًا رافعًا مطالب الأمة في وجه الخديوي توفيق وتلك اللحظة لم تكن مجرد حدث سياسي عابر، بل كانت إعلانًا عن وعي وطني جديد، ورسالة من أرض الشرقية التي طالما أنجبت الرجال وصنعت البطولات.
ومع ذلك فإن قيمة الشرقية لا تقف عند حدود النضال الوطني، بل تمتد جذورها إلى أعماق التاريخ والحضارة. فعلى أرضها قامت مدن عظيمة كانت عواصم لمصر الفرعونية، مثل صان الحجر أو تانيس، التي عُرفت بـ "طيبة الشمال"، حيث اتخذها ملوك الأسرات الحادية والعشرين والثانية والعشرين مقرًا لحكمهم ومركزًا لعبادة الإله آمون، ولا تزال أطلال المعابد والمسلات والتماثيل الضخمة شاهدة على عظمتها. كما تحتضن الشرقية مدينة بر رعمسيس التي أسسها الملك رعمسيس الثاني لتكون عاصمة لمصر في عصر الأسرة التاسعة عشرة، وقد اعتبرت من أعظم مدن العالم القديم بما ضمّته من قصور ومعابد وجيش جرّار جعلها رمزًا لقوة الدولة المصرية وكذلك منطقة اثار تل بسطة نسبة الاله باستت وهي علي شكل القطعة وتضم العديد من الآثار ومنها تمثال ضخم لمريت امون وكذلك تماثيل للملك رمسيس الثاني وغيرهم.
ولم يقتصر تراث الشرقية على الآثار الفرعونية، ففي قلبها يقع تل بسطة الذي كان مركزًا لعبادة الإلهة باستت وذلك مرورا بالغزوات من الفرس واليونان والرومان وحتى الفتح الإسلامي. وإلى جانب ذلك تنتشر مواقع أثرية متعددة مثل تل الديباج وتل نجا وتل الحير، التي تكشف النقاب يومًا بعد يوم عن كنوز جديدة.
أما في التاريخ الإسلامي، فقد اكتسبت الشرقية أهمية روحية خاصة بوجود مسجد سادات قريش في بلبيس، وهو من أقدم المساجد في مصر وأول مسجد بُني في الدلتا بعد دخول العرب مصر، ويُقال إنه يضم رفات بعض صحابة الرسول ﷺ الذين استشهدوا في معارك الفتح الإسلامي. ويُعد المسجد شاهدًا على مكانة الشرقية كممر للجيوش الإسلامية وبوابة للفتوحات في الشرق.
وهكذا تجتمع في الشرقية ملامح الوطنية والروحانية والحضارة، فهي أرض عرابي وثورته، وأرض تانيس وبر رعمسيس، وأرض الفتح الإسلامي ومسجد سادات قريش. وفي عيدها القومي تتجدد الذكرى بأن هذه المحافظة ليست فقط سلة غذاء مصر، بل سجلّ مفتوح يروي فصولًا متتابعة من تاريخ الوطن منذ الفراعنة وحتى العصر الحديث.