الجمعة 29 مارس 2024 07:43 صـ 19 رمضان 1445 هـ
 أنباء اليوم المصرية
رئيس التحريرعلى الحوفي

وزير الأوقاف : فهم صحيح الدين والعمل به صمام أمان للأمم والشعوب

وزير الأوقاف
وزير الأوقاف

صرح د محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بأن التطرف تطرف على أية حال ، حادًا كان أو مضادًا غلوًا كان أو تفريطًا ، فهو الذهاب إلى الطرف بعيدًا عن الوسط ، وقد قال الإمام الأوزاعي (رحمه الله) : ما أمر الله (عز وجل) في الإسلام بأمر إلا حاول الشيطان أن يأتيك من إحدى جهتين لا يبال أيهما أصاب الإفراط أو التفريط ، الغلو أو التقصير .
ديننا السمح الحنيف قائم على الوسطية والاعتدال في أسمى معانيهما ، في كل شيء حتى مجال العبادات ، فلما رأى نبينا (صلى الله عليه وسلم) حبلًا مشدودًا في المسجد بين ساريتين أي عمودين من أعمدة المسجد سأل (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) : (ما هذا ؟ ) قالوا : حبل لزينبَ تُصلِّي فإذا كسِلَتْ أو فتَرَتْ أمسكت به قال : ( حُلُّوه ) ثمَّ قال : "لِيُصَلِّ أحدُكم نشاطَه فإذا كسِل أو فتَرَ فليقعُدْ " ، ولما رأى (صلى الله عليه وسلم) سيدنا سعد بن أبي وقاص (رضي الله عنه) يتوضأ فيسرف في استخدام الماء فقال: "مَا هَذَا السَّرَفُ يَا سَعْدُ؟ " قَالَ : أَفِي الْوُضُوءِ سَرَفٌ ؟ قَالَ : "نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ" .
وحتى الإنفاق سواء أكان إنفاقًا على النفس أم على الغير تحت أي مسمى فالوسطية مطلب راسخ ، حيث يقول الحق سبحانه في كتابه العزيز : "وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا" ، ويقول سبحانه : "وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا".
وقد أكد القرآن الكريم على الوسطية في كل أبعادها ، حيث يقول الحق سبحانه : "وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا " ، ويقول سبحانه : "قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ" ، ويقول الحكماء : لا تكن رطبًا فتعسر ولا يابسًا فتكسر .
فالأديان السماوية جميعها أنزلت رحمة للناس ، حيث يقول الحق سبحانه : "طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى" ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : (تركتُ فيكم أَمْرَيْنِ لن تَضِلُّوا ما تَمَسَّكْتُمْ بهما : كتابَ اللهِ وسُنَّةَ نبيِّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ) .
الأديان يسر ، وسماحة ، وتراحم ، وتعاون ، وتكافل ، فحيث تكون مصالح البلاد والعباد فتلك مقاصد الأديان العامة .
غير أن البشرية بصفة عامة قد ابتليت بتطرفين متناقضين في حدية بالغة ، الأول يقتل ويخرب ويدمر ويسفك الدماء باسم الأديان وتحت رايتها ، محرفًا النصوص ومُخْرِجًا لها عن سياقها ، والأديان براء من كل ذلك ، والآخر يذهب إلى أقصى الطرف الآخر تفريطًا أو انحلالاً.
فالتطرف منبوذ ومرفوض على كل حال ، سواء أكان غلوًا وإفراطًا وتشددًا على نحو ما شهدنا ونشهد من إجرام الجماعات المتطرفة المتاجرة بالدين ، أم كان تفريطًا وانحلالا وخروجًا على جادة القيم والأخلاق أو هدمًا للثوابت .
فخطر التفريط كخطر الإفراط ، حيث يقول الحق سبحانه : "وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى" ، وليس المقصود بالضنك هنا الفقر ، إنما حياة الكدر التي لا هناء فيها ، ولطالما حدثنا القرآن الكريم عن الأمم والقرى التي كفرت بأنعم الله (عز وجل) ، وكذبت رسله ، وسلكت طريق الانحراف والشذوذ كفعل قرى قوم لوط فلما أسرفت في شذوذها كانت العاقبة : "فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ".

موضوعات متعلقة