الجمعة 26 أبريل 2024 05:12 مـ 17 شوال 1445 هـ
 أنباء اليوم المصرية
رئيس التحريرعلى الحوفي
البريد المصري يحصل على ”المستوى الذهبي” في تطبيق معايير الأمن البريدي العالمية محافظ المنوفية يتابع أعمال الحملة القومية الأولى للتحصين ضد مرض الحمى القلاعية وزير الري يتفقد مشروعات الموارد المائية والري بمحافظة الغربية محافظ بني سويف يتابع انتظام العمل بسوق السيارات جامعة المنوفية تحصل علي المركز الأول في الفنون التشكيلية الداخلية: ضبط سيدة لقيامها بتقديم دورات في مجال التمريض وشهادات مزورة بالمحلة الكبرى محافظ بني سويف يُشيد بطاقم طبي مستشفى التأمين الصحي محافظ بني سويف يوجه بالتنسيق المستمر لدفع جهود المرحلة الثالثة لإزالة التعديات رئيس جهاز الشروق يلتقى حائزى قطع الأراضى المضافة للمدينة طلاب هندسة الجامعة الألمانية بالعاصمة الإدارية يزورون مدينة العلمين الجديدة الداخلية : ضبط عدد من قضايا الإتجار فى العملات الأجنبية بقيمة 25 مليون جنيه الصحة : إجراء الفحص الطبي لـ مليون و688 ألف شاب وفتاة ضمن مبادرة «فحص المقبلين على الزواج»

تَذْكِرَةٌ وَعِظَةٌ مَعَ مَوْلِدُ الْعَام الْهِجْرِي الْجَديد

كتب ـ محمد عادل

وُلِدَ هِلَالُ المُحرَّمِ من العَامِ الهَجرِيِّ الجَديد ، فَفَرِحَ بِمَولِدِهِ خَلْقٌ كثيرٌ من عِبَادِ الله ، فَرِحُوا لِقُربِ تَحَقُّقِ أُمنِيَاتِهِم ومَوَاعِيدِهِم المُفرِحَة ، وَهَكَذَا يَفرَحُونَ دَائِمَاً بِمُرُورِ الَأيَامِ والشُّهورِ والَأعوَام لِكِنَّ الْحَقَّ أَنْ يُقَال : كَيْفَ يَفْرَحُ مَنْ يَوْمُهُ يَهْدِمُ شَهْرَهُ، وَشَهْرُهُ يَهْدِمُ سَنَتَهُ وَسَنَتُهُ تَهْدِمُ عُمْرَهُ ، كَيْفَ يَفْرَحُ مَنْ يَقُودُهُ عُمْرُهُ إِلَى أَجْلِهِ وَتَقُودُهُ حَيَاتُهُ إِلى مَوْتِهِ. يَا مَنْ تفرَحُ بِكثرَةِ مُرورِ السنينِ عَلْيك إنَّمَا تَفرَحُ بِنَقْصِ عُمُرِك وَقُرْبِ أَجَلِك ، فَمَا أَنتَ إِلَّا أَيَّامٌ ، كُلَّمَا مَضَى يَوْمٌ مَضَى بَعْضُكِ.

الدقائِقُ تَفْنِي السّاعَات ، والسّاعَاتُ تَفْنِي الَأيَّام ، وَالَأيامُ تَفْنِي الشهور ، وَالشُّهورُ تَفْنِي الَأعوام ، وَالَأعوَامُ تَفْنِي الَأعمار ، وَفَجأةً نَجِدُ أنفسَنَا قَدْ بَلغَنا الثلَاثينَ والَأربعينَ والخمسينَ والسِّتين ، فَمَاذَا أعدَدْنَا للقَاءِ الله؟ الغَفلَةُ خَطيرةٌ ، وَلِقَاءُ اللهِ مُتَحَتِّمٌ.

قَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ لِرَجُلٍ: كَمْ أَتَتْ عَلَيْكَ؟ قَالَ: سِتُّونَ سَنَةً قَالَ فَأَنْتَ مُنْذُ سِتِّينَ سَنَةً تَسِيرُ إِلَى رَبِّكَ يُوشِكُ أَنْ تَبْلُغَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، فَقَالَ الْفُضَيْلُ: أَتَعْرِفُ تَفْسِيرَهُ؟ تَقُولُ: أَنَا للهِ عَبْدٌ وَإِلَيْهِ رَاجِعٌ، فَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ للهِ عَبْدٌ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ رَاجِعٌ فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ وَمِنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ مَسْئُولٌ وَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَسْئُولٌ فَلْيُعِدَّ لِلسُّؤَالِ جَوَابًا فَقَالَ الرَّجُلُ:فَمَا الْحِيلَةُ؟ قَالَ: يَسِيرَةٌ تُحْسِنُ فِيمَا بَقِيَ يُغْفَرُ لَكَ مَا مَضَى ، فَإِنَّكَ إِنْ أَسَأْتَ فِيمَا بَقِيَ أُخِذْتَ بِمَا مَضَى وَبِمَا بَقِيَ.

قراونا الأعزاء بَدَأَ العامُ الجديدُ ، ولَاَ نَدرِي أنستكْمِلُهُ أم لَاَ؟ فَكَم فَقدْنَا مِن حَبيبٍ وَقريبٍ في العَامِ الماضِي الذي اِستكمَلنَاهُ أَمْس ، مَا اَستكْمَلُوهُ كَمَا اَستكمَلْنَاه ، حَالَ بَيْنَهُم وبينَ خِتَامِهِ الْمَوتُ ، فَكَذَلِكَ نَحنُ لَاَ ندري أنستكمِلُ هَذَا العامَ الذي بَدَأ اليوم أم لَاَ؟

قَالَ ابنُ رجب رَحِمَهُ الله موعظَةً بَليغة : يَا أَبْنَاءَ العشرين كَمْ مَاتَ من أقرَانِكُم وتَخَلَّفتُم ، يَا أبناءَ الثلَاَثين أَصَبْتُم بالشَّبابِ عَلَى قُرْبٍ من العَهدِ فَمَا تَأسّفتُم ، يَا أبناءَ الَأربعين ذَهَبَ الصِّبَا وأنتُم على اللَّهو قد عَكَفتُم ، يا أبناءَ الخمسين تنصّفتُم المائةَ ومَا أنصَفتُم يا أبناءَ السّتين أنتُم عَلَى مُعتَرَكِ المَنَايَا قَدْ أشرَفتُم أتلهُونَ وتَلعبُون؟ لقد أسرَفتُم.

أَعَيْنَايَ هَلَّا تَبْكِيَانِ عَلَى عُمْـرِي تَنَاثَرَ عُمْرِي مِنْ يَدِي وَلَا أَدْرِي

إِذَا كُنْتُ قَدْ جَاوَزْتُ سِتِّينَ حَجَّةً وَلَمْ أَتَأَهَّبْ لِلْمَمَاتِ فَمَا عُذْرِي؟

إن أعْظَمُ وصيةٍ تُبذَلُ في بِدَايةِ أيِّ عَامٍ وأيِّ شهرٍ وأيِّ يومٍ وأيِّ ليلَةٍ الوصيةُ بتقوى اللهِ ثُمَّ بالتوبةِ النصوح ثُمَّ بالعملِ الصالِح ثُمَّ بِالبُعدِ عن أسبابِ سخطِ اللهِ ، نُوصِيكُم بِتَعبيدِ أنفسِنَا لَهُ ، فنُخلِصُ لَهُ في أعمالِنا ، في نياتِنَا ، في أقوالنا ، في أفعالنا ، نَطْلُبُ مَا لَدَيه ، نَتَوَكَّلُ عليه ، نَقِفُ بينَ يَديه رَغْبَةً ورَهْبَةً إليه وَطِّنُوا أنفسَكُم من بدايةِ العام عَلَى تَطبيقِ هَذِهِ المقاصِدِ حَتَّى تَكونُوا عَلَى استعدادٍ لِلِقَاءِ الله في أيِّ لَحْظَةٍ من حياتِكُم فَكُلُّ لَحظَةٍ تَمُرّ تُدنِي من الَأجلِ,

إِنَّــا لَنَفْـرَحُ بِالْأَيَّـامِ نَقْطَعُـهَا وَكُـلُّ يَوْمٍ مَضَى يُدْنِي مِنَ الْأَجَلِ

فَاعْمَلْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ الْمَوْتِ مُجْتَهِدًا فَإِنَّمَا الرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ فِي الْعَمَلِ

وخاتمة يَقولُ ابنُ القَيِّم رحمه الله : السّنةُ شَجَرَة, والشهورُ فروعُها, وَالْأَيَّامُ أَغْصَانُهَا, والساعاتُ أوراقُها, والَأنفَاسُ ثَمَرُهَا, فَمَنْ كَانَت أنفاسُهُ فِي طَاعَةِ اللهِ فثمرةُ شجرتِهِ طيبَة, وَمَنْ كَانَت فِي مَعْصِيّةٍ فثمرتُهُ حَنظَل, وَإِنَّمَا يَكونُ الجَذَاذُ يَوْمَ الْمعَاد, فَعِنْدَ الجَذَاذِ يَتَبَيَّنُ حُلْوُ الثِّمَارِ مِنْ مُرِّهَا.

ألَاَ فَلتَكُن أنْفَاسُنا كُلُّهَا في طَاعَةِ الله لِنَكُنَ مِمَّن طَالَ عُمُرُهُ وحَسُنَ عَمَلُهُ,

وَشهرُكُم هَذَا شَهْرُ المُحرَّمِ يُشرَعُ فيهِ الصوم, لِأنَّ النبيَّ r كَانَ يَتَحَرَّى الصومَ فِيه, وآكَدُ صَومِهِ عَاشوراء, العَاشِرُ منه, فصَومُهُ يُكَفِّرُ السَنَةَ الماضية, ومَنْ السُّنَّةِ أن يُصَامَ مَعَهُ يومٌ, قَبْلَه أو بَعدَه, ومَنْ صَامَهُ وحدَهُ أجزئَهُ لَكِنَّهُ تَرَكَ الَأفضل, ومَنْ صَامَ الثلَاثةَ التاسِعَ والعاشِرَ والحادِيَ عَشَر حَقَّق الَأكمَل.

وَفَّقَنَا اللهُ وَإيّاكُم لِمَا يُحِبُّهُ ويَرضَاه .