الجمعة 19 أبريل 2024 09:58 مـ 10 شوال 1445 هـ
 أنباء اليوم المصرية
رئيس التحريرعلى الحوفي

قصة صارت ذكرى ...فاضي شوية


بقلم د - محمد فكري
يُعد الشعر الغنائي أو ما يسمى بالشعر الوجداني أحد ألوان الشعر في الأدب العربي، والتى تُمكن الشاعر من التعبير عن ذاته ومشاعره مخاطبًا مواطن التأثير النفسي لشخص السامع لتلك القصائد ، وباكتمال الصوت الملائم الذى يُعبر عنها ممزوجًا بلحن هادئ يُؤسر النفس، وهذا ما أبدع فيه الشاعر " خليل عز الدين " حين استخدام اللهجة العامية الممزوجة بالفصحي في بعض كلمات قصيدته" فاضي شوية" والتى تغني بها" حمزة نمره" بصوته الرخو الرصين، الذى يُطرب الأذن ويُؤسر القلب، وكأنها سيمفونية أو بورتريه يحكى قصة صارت ذكرى، وقد اتضح ذلك في مطلع قصيدته عندما تألم بصرخة قوية "آة يا سلام" تلك الجملة التى يعبر من خلالها عن الألم الذى أحل به نتيجة تركهم للوقت يمضى ، وزادت معه المسافات دون الإدراك أنَّ طول البعد يسبب الجفاء، وهدوء المشاعر وتوقف القلب عن النبض؛ لعدم اللقاء أو سماع صوت المُحب، وكأنها رسالة يُلوم بها النفس على ما احدثته بقوله " سيبنا الوقت يعدي أوام".
ثم يزاد في لوم النفس المُحب في حديثه قائلًا " دا اسمه كلام" وكأنه في حالة استغراب عما وقع به من ألم وحزن نتيجة عدم قدرته على التواصل بمحبوبته أو أن يدرك يومًا لقاء يجمع بينهم؛ ليحيا ذلك المولود الذى ولد ولم يكتمل نتيجة بعد المسافات، معبرًا عن ذلك بقوله "عيشنا العمر نربّي حمام" مؤكدًا بأن السبب الرئيس هو عدم بناء بيت بصفته المادية أو المعنوية يجمعهم لتنمو وتزاد تلك المشاعر التى ترتبط قلبين كتب عليهما الفراق قبل اللقاء، وكأنه اتهام صريح للطرفين بأنهم السبب في عدم اكتمال الأمل والحلم، وقد اتضح في قوله" بس نسينا نقوم غيّة". ورغم ذلك فإنه يتمتع بسمات المُحب الذى يتغاضى عن العتاب واللوم لمحبوبته، مطالبًا إياها بالاستماع إليه كما كان اللقاء بينهما دومًا، والعودة لسابق عهدهما باقتناص الزمن للتواصل بينهم، مؤكدًا بأنه يشعر بما تتعرض له من وحده رغم استمرار حياتها الطبيعية، مؤكدًا بأنها السند له في وحدته وغربته التى يحيا بين جدرانها بعد فراقها له.
ولم يكتف بذلك بل سعى في تقديم الحلول لإحياء السعادة لقلبين تسبب البعد في الجفاء بينهما، وضياع لحظة الفرحة والسعادة، وحل محلها الهموم وقسوتها، مؤكدًا تفهمه لانشغالها وصعوبة الحديث بينهم، إلا أنه يرمي بكل ثقته في محبوبته بأنه لدية حكايات صعب إخفاؤها وكأنها بيت الأسرار، وملاذه المختار، لكونها امرأة تملكته، فصارت تعلم عنه الكثير، تلمس مواطن الفرح والسعادة ونقيضيها.
ورغم البعد الذى أحل بهما فيطالعنا الشاعر قائًلا " موج الدنيا أناني وعالي" مشيرًا إلى أنه يعلم عنها الكثير رغم المسافات، وما أروعه من عشقٍ عندما يضع سعادته بأن يحيا سنين العمر في يوم بجانبها، وكأنه اكتفاء المُحب بمَن أحب، مؤكدًا بأنه مازال منتظرًا عودتها ليوم قبل فراق لن يكون بعده عودة. كما ختم قصته التى اتسمت بالشوق للقاء والحديث، وأنه منتظر قدومها اليوم أو الغد إلى نهاية العمر، إن لم تستطع الحضور، فما أجملها من مشاعر مُزجت بها الحياة بالموت فالقرب حياة والبعد موت.
وأخيرًا : فقد تمكن الشاعر من إيصال رسالته التى تحمل أنقى وأجمل الذكريات التى نُسجت في العقل والقلب ، وبذلك فقد أبدع في التصوير لقصة حب أعتقد بأنها لم تُكتمل نتيجة ظروف طارئة، إلا أنه مازال على أملٍ يسعى لتعود بينهم لهفة القرب ورغبة القول لقصة عشقٍ وشوق.