الجمعة 29 مارس 2024 02:46 صـ 19 رمضان 1445 هـ
 أنباء اليوم المصرية
رئيس التحريرعلى الحوفي

تاريخ احمد باشا المنشاوي أحد رموز محافظة العربية

كتب- تامر المنشاوي
أحمد المنشاوي باشا ، من أعيان الغربية ، والذي قُدِرَت ثروته بنحو مليوني جنيه ، و قد خُصِصَ جزء منها لأعمال الخير ، ويعد المنشاوي باشا والأمير عمر طوسون من أكثر المصريين في العصر الحديث إنفاقاً في المشروعات الخيرية ،و قد اوقف المنشاوى باشا نحو ألف فدان على أعمال الخير و الإصلاح ، كما كان المنشاوي باشا من أشهر كبار الملاك الذين اهتموا بإنشاء التكايا و الوقف عليها في مطلع القرن العشرين الماضي .
ولد أحمد أحمد المنشاوي فى محافظة الغربية لأعرق الأسر المصرية هو أبن أحمد أغا المنشاوي بن الجوهري المنشاوي نسبة إلى قرية المنشاة في مركز زفتي من مديرية الغربية بمصر ، مات والداه عن ثمانية أولاد هو أصغرهم ، وترك لهم مائتي فدان ، فرباه أخوه محمد بك المنشاوي و علمه مبادي القراءة والكتابة بالعربية و التركية ، و فى الثامنة عشر من عمره عين معاونا في عمال المزارع والتى تسمي الدائرة السنية فعرف كيفية إدارة الزراعة و تثمير الارض بالطرق المنتظمة التى كان يجري عليها من أمراء مصر . وقد كان المنشاوي كبير النفس شديد الطموح فحدثته نفسة بالمعالي ،و لم تكون المعالي في ذلك الوقت إلا فى القرب من الحكام و وفرة المال فوجه نفسه إلى جمع الثروة . وكانت بداية أمره أن أشتري تبنا كثيرا من الدائرة السنية بثمن بخس فارتفع ثمنه جدا حتى بلغ الحمل جنيه ، فربح ربح عظيم ، ثم اشتغل بأعمال زراعية أخري فنجح فيها نجحا عظيم بكده وجده حتى وثق به إسماعيل باشا المفتش العام الذى كان يدير دفة الحكومة المصرية فى عهد الخديو اسماعيل باشا ، فرقاه فى عمله و كانت براعته فى عمارة الارض و استغلالها أشد من براعته فى أمتلاكها . فقد ملك عشرة آلاف فدان كانت غلتها نحو مائة الف جنية فى السنة و من الناس من يملك فى مصر أكثر من ذلك أرضا و لا ينال منه نصف ماكان ينال المنشاوي ريعا ، ومن دلائل براعة المنشاوي و مهارته فى تدبير أمر الثروة أن دائرته الواسعة لم يكن فيها من العمال و الكتاب عشر ما فى أمثالها من دوائر أمراء مصر و أغنيائها الذين هم فوقه علما لكن دونه مهارة وعملا ، و كان ينظر كل شىء بنفسة ولا يتم في الدائرة عمل إلا بإذنه وتوقيعة ، كان عزيز النفس أبيا ولوعا بالشهرة و المعالي ، لذلك كان يدخل فى المأزق و يركب الصعاب لاحراز المكانة فى نفوس الناس .
و من معالم قرية القرشية حدائق المانجو الشهيرة و التي انشأها المرحوم أحمد باشا المنشاوي وقد أشتهرت هذه الحدائق و ثمارها بحلاوتها وجودتها وذلك على مستوي القطر المصري كله حيث لا يوجد فى مصر انواع تفوقها جودة ولا حلاوة و اما عن سر حلاوتها فهو أن أشجار مانجو حديقة المنشاوي قد ارسلت من الهند مباشرة و زرعت فى مكانها الحالي ، كان ذلك حينما نفى أحمد عرابي (والذى كان صديق للمنشاوي باشا) و كانت لا توجد فى مصر مانجو أن ذاك ، لذا ارسل عرابي كمية من الشجيرات إلى المنشاوي الذى غرسها فى مكانها والتى مازالت موجودة إلى يومنا هذا ،و كانت اول مانجو غرست فى القطر المصري و هى لازالت اجود أنواع المانجو و ثمارها لا يعلى عليها لذا تجدها أغلي ثمنا من غيرها ،و فى عهد الملكية و البشوات اصحاب الاقطاعيات كانوا يتخاطفونها لاهدائها إلى كل عزيز لديه .
و هناك موقف لأحمد باشا المنشاوي وقت الثورة العربية و مذبحة الاجانب فى طنطا ، فعندما قامت ثورة عرابي ، حاولت انجلترا اخمادها فاصاب ذلك العمل غضب بعض المصريين الذين قرروا مهاجمة الاجانب من جميع الجاليات الاوربية الاوربية بالضرب و القتل فى كل القطر المصري و منه إلى طنطا .فقام أحمد باشا المنشاوي بإغاثتهم إيمانا منه ان هولاء لاذنب لهم ، خاصة ان اغلبهم ليس من الرعاية الانجليزية و ليس لهم اى ذنب فى قرار حكومة الاحتلال الانجليزي ، وانهم ضيوف على ارض مصر، فحمل المئات من هؤلاء على قطارين إلى بلدته القرشيه فوضعهم فى قصرة فكانت لهم حرما وملجأ آمنا، وكان ينفق عليهم من سعته ، كما ساعد الكثيرين منهم فسافروا بحمايته الى بورسعيد ثم إلى اوروبا .
و يذكر ايضا ان المنشاوي باشا كان قد احاط نفسة بالعلماء والفقهاء والمفكرين مثل الشيخ محمد عبده والذى كان من المقربين اليه هو واسرته وكانت لهم الاقامة فى حماية المنشاوي اثناء طردهم ونفيهم من موطنهم بمديرية البحيرة . كما قام المنشاوي بانشاء مستشفى للحميات واهدائه إلى الحكومة حيث كان أهالي الغربية يعالجون فى ذلك الوقت من الكوليرا وغيرها من الاوبئه فى العراء أو فى الخيام فى احسن الاحوال ، كما قام ايضا بإنشاء مستشفى المنشاوي العام العمومى بطنطا والذى مازالت تخدم الاهالى حتى يومنا هذا وكانت هذا المستشفى هى المستشفى التعليمي الوحيد لجامعة طنطا عند انشائها كما أنشأ الجامع الكبير فى مدينة طنطا وكان يضاهي مسجد السيد البدوي فى ذلك الوقت ودفن فيه و قام المنشاوي ايضا ببناء مساجد بمركز السنطة كما انشأ العديد من المدارس المتنوعة بنين وبنات بها و منها مدرسة للصنايع وهي تؤدى مهمتها إلى الان. كما انشأ العديد من المعاهد الدينية للبنين والبنات(معاهد المنشاوي الديني) وعددا من مدارس تحفيظ القران كما أقام الملاجىء للايتام والارامل، كما انشأ تكية لحجاج بيت الله الحرام تأويهم من عناء السفر .
و كان احمد باشا المنشاوي اول من فكر فى انشاء الجامعة المصرية وقام بالفعل بشراء عشرة الف فدان لهذا الغرض ولكن وافته المنية قبل بدء التنفيذ و لا يمكن ان ننسى تبرعاته لسكة حديد الحجاز التى كان الهدف منها هى ربط دولة الخلافة بعضها ببعض و هو الباشا الوحيد الذى قرر اذا توفى أحد من الموظفين او العمال او المستاجرين عنده يعين من بعده أكبر أبنائه بنفس الراتب او استئجاراته وذلك لرعاية اسرته ، كما رصد مبلغ كبيرا للقرض الحسن للمتعسرين ماليا وانشأ لهم صندوقا ماليا ليدفع منه اى متأخرات للمستأجرين لارضه او الذين يصابون بكوارث ووضع شرط انساني واخلاقى تقدمي وهو الا يطالب الشخص المقترض بسداد هذا الدين إطلاقا ويترك له حرية السداد حين ميسره دون الضغط عليه بالمطالبه.